responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 276


الرؤية البصرية الساذجة . . لأنها تبدأ مع الإنسان منذ اللحظة التي يفتح فيها عينيه على الحياة ليتطلع إلى ما فيه من موجودات يدركها البصر . . وربما كانت كلمة ( وليكون من الموقنين ( إشارة إلى ذلك ، لتلتقي بكلمة ( . . رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي . . ( مما يوحي بأن إبراهيم كان يعيش حالة الفكر الذي يريد أن ينمي من خلاله معلوماته وأفكاره ، بكل الأشياء التي تركز قوتها وفاعليتها وثباتها وحركتها أمام التحديات التي تواجهها . . حتى فيما يشبه الأوهام . . ليواجه الصراع الذي يعيشه بانفتاح وقناعة وقوة لا تعرف الضعف ولا التراجع في كل المجالات . .
أما الاحتمال الأول ، فقد يقربه ، أن تكون الحادثة قد حدثت في بداية طفولته ، عندما بدأ يتطلع للأشياء ، ويفكر في الإله . . في عملية تأمل وتدبر . . في مستوى ذهنية الطفل . . ولعل هذا هو الذي نستوحيه من الجو النفسي الساذج الذي توحي به الآية . . فهذا هو إبراهيم يواجه الكوكب الذي يبدو عاليا عاليا ، بعيدا بعيدا . . ولكنه يشرق في قلب الظلام . . فيشعر بالرهبة والروعة . . فيصرخ - في مثل اللهفة - هذا ربي . . انطلاقا مما كان يسمعه بأن الإله بعيد بعيد عن الإنسان ، فلما أفل . . أحس بالإنقباض وقال : ( لا أحب الآفلين . . ( فقد نجد في كلمة ( لا أحب . . ( بعض كلمات الطفولة البريئة ، التي تحب أو لا تحب من خلال مشاعرها الساذجة إزاء الأشياء . . وتتكرر التجربة مع القمر . . وتنطلق الصرخة الطفولية من جديد . . تماما كمثل الهتاف الذي يهتف به الطفل عندما يجد شيئا قد أضاعه ، أو شيئا قد طلبه . . وتتكرر خيبة الأمل من جديد .
ولكن الوعي يتنامى هنا - فلا نجد ردّ الفعل طفوليا . . بل نلاحظ في ردّة الفعل حالة حيرة وذهول وتوسل إلى هذا الرب الغامض الذي يتمثله في وعيه هاديا لعباده ، أن يهديه إلى الحق لئلا يكون من القوم الضالين . . وتشرق الشمس في هذا الدفق اللاّهب من النور الذهبي في إطار هذا الوجه الواسع الذي يتفايض بالشعاع كما يتفايض الينبوع بالماء الصافي الرقراق . . فتكبر الصرخة في طفولية بارزة . . ( هذا ربي . . هذا أكبر . . ( وينطلق الحجم ليؤكد الفكرة ، فيما لا توحي به إلا أفكار الطفل ، أو ما يشبه الطفل . . لأن الأشياء الكبيرة توحي للفكر الساذج بالهيبة والعظمة . . بما لا توحي به الأشياء الأقل حجما . . وتتجدد خيبة الأمل بالأفول . . ولكن تلك الإشراقة الساطعة للشمس استطاعت أن تبعث في قلبه إشراقة الإيمان الرافض لكل هذه الأوهام والظنون .

276

نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست