نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 275
الإشراكية لأن الله لا يمكن أن يكون هذه الأشياء المحدودة . . بل لا بد أن يكون شيئا أعظم من ذلك وأكبر . . في القوة والقدرة . . لا في الحجم . . ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض . . حنيفا وما أنا من المشركين . . ( . وهكذا تدفقت إشراقة الإيمان في وعيه وفي قلبه ، فأحس بأن الله هو شيء لا كالأشياء لأن الأشياء نتاج قدرته . . وأدرك أن الله لا يحس كما تحس الموجودات الأخرى بالسمع والبصر واللمس ، ولكنه يدرك بالعقل وبالقلب وبالشعور . . من خلال كل هذه المخلوقات التي تحيط بالإنسان في الكون الكبير . . من السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن . . فتترك لديه انطباعا بان الله هو الذي فطرها وأوجدها . . ومن خلال هذه الإنطلاقة الإيمانية الرائعة التي أحس معها بالراحة والطمأنينة والانفتاح . . وقف بكل كيانه - ليحول كل وجهه - والوجه هنا كناية عن الذات بجميع التزاماتها وعلاقاتها وتطلعاتها - إلى الله ، حنيفا ، مخلصا مائلا عن خط الانحراف . . فهو وحده الذي تتوجه إليه العقول والقلوب والوجوه بالخضوع والطاعة المطلقة . . بإحساس العبودية . . وحركة الإيمان . . الذي يعلن هذا التوحيد بما يشبه الصرخة الهادرة الرافضة لكل الوجودات المحدودة ، التي تتأله أو التي يحسبها الناس في عداد الآلهة . . وما أنا من المشركين . . وماذا بعد ذلك ؟ هل هي الرحلة الأولى في طريق الإيمان ، لدى إبراهيم . . أو هي محاكاة استعراضية للأجواء المحيطة به ، فيما يعتقده الناس من ألوهية الكواكب والقمر الشمس . . في محاولة إيحائية لمن حوله بسخافة هذه العقائد وتفاهتها وضعفها أمام المنطق الوجداني الصافي ، وذلك من موقع ابتعاده عنها بعد اقترابه منها ، مما يعطي لموقفه بعض القوة في الإيحاء ، باعتباره الموقف الذي عاش التجربة وعاناها . . ثم تمرد عليها . . ربما كان هذا هو الرأي الأقرب الذي يلتقي مع شخصية إبراهيم فيما حدثنا القرآن عن حياته . . فنحن لم نلمح - في غير هذه الآية - حالة تأثر بالجو المحيط به . . بل ربما نرى الأمر - بالعكس من ذلك - حالة تمرد على البيئة حتى فيما يتعلق بالجو العائلي المتمثل في أبيه الذي نقل لنا القرآن موقف إبراهيم منه . . وقد نستطيع استيحاء الآية السابقة التي حدثنا القرآن فيها عن كلام إبراهيم لأبيه حول الأصنام التي يعبدها أن هذا الموقف سابق لموقفه من هذه العقائد . . هذا بالإضافة إلى أن الرؤية التي حدثنا الله عنها لملكوت السماوات والأرض . . لا بد أن تكون الرؤية الوجدانية الواعية التي تحاول أن تثير التفكير من خلالها وليست
275
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 275