نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 257
الذي يكون الخير طبيعته وسجيته ، ولا يحمل في داخله أي شهوة أو غريزة يمكن أن يكون لها أدنى أثر في صرفه عن وجهته ، أو أدنى أثر في وهن عزيمته . كما أنه حين أراد الحصول على ملك لا يبلى ، فإنه لم يرده حباً في الدنيا وإيثاراً لها . . وإنما ليكون قوة له في طاعة الله سبحانه ، ووسيلة لإقامة العدل المحبوب لله فيما استخلفه سبحانه وتعالى فيه . أضف إلى ذلك أن طموح آدم ( ع ) وسعيه هو أن يبقى يعيش مع الله ، وأن يكون عمره مديداً ومديداً جداً يصرفه كله في عبادته سبحانه ، وفي رضاه ، فهو لا يريد الخلود لأجل الدنيا ، أو استجابة لشهوة حب البقاء . . نعم هذه هي أهداف وطموحات آدم ( ع ) النبي العاقل والحكيم ، وهذا هو كل همّه ، وغاية سعيه ، ولو أنه لم يرد ذلك ، لكان فيه نقص ، ولما استحق مقام النبوة ، لأنه بذلك يريد أن يبقى بعيداً عن الله ، مستجيباً لغرائزه وشهواته . . وفوق ذلك كله ، فإنه إذا كان قادراً على التصرف في الأمور وكان ملكاً فإنه سيكون قادراً على التقلّب في طاعة الله في مختلف الحالات ، وينال بذلك أعظم مواقع القرب والزلفى منه تعالى . ولأجل ذلك نجد أن إبليس اللعين قد ضرب على هذا الوتر الحساس بالذات ، حين قال لهما وهما لا يريانه - كما روي عن الإمام العسكري عليه السلام - أو على الأقل لا دليل على رؤيتهم له ولا على معرفتهم به [1] . نعم ، لقد ضرب إبليس اللعين على هذا الوتر فقال : ( هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى ( . وقال لهما أيضاً : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ( [2] ، فوعدهما بثلاثة أمور هي : الملك الباقي . . والخلود ونيلهما صفة الملائكية .
[1] وقد يحجب الله سبحانه عن آدم ( ع ) معرفته بمن يخاطبه حين يخاطبه من وراء الحجاب ، وذلك لكي يظهر آدم ( ع ) على حقيقته السامية التي استحق بها مقام النبوة ، تماماً كما كان الحال بالنسبة لموسى ( ع ) مع الخضر ( ع ) حسبما أشرنا إليه ، إذ قد كان يمكن أن يعرّف الله نبيه موسى ( ع ) بالكنز الذي تحت الجدار ، وبالملك الغاصب للسفن ، وبحقيقة معاملة ذلك الشاب مع أبويه . [2] سورة الأعراف الآية : 20 .
257
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 257