نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 256
وذلك يفيد ، أن المراد من قوله تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً ( - إن كانت الآية تتحدث عما جرى بين آدم وإبليس - أن المراد بالنسيان هو أنه قد عمل عمل الناسي ، بأن ترك الأمر وانصرف عنه ، كما يترك الناسي الأمر الذي يطلب منه . لكن الظاهر من الرواية المتقدمة هو : أن آدم ( ع ) لم ينس نهي الله عن الشجرة ، كما أنه قد روي عن الإمام الصادق ( ع ) ما يدل على أن نسيان العهد في هذه الآية لا يرتبط بالنهي عن الشجرة ، بل هو يرتبط فيما أخذ عليه في الميثاق . . وللبحث في هذه الآية مجال آخر . 6 - قد ذكرنا أن ما فعله آدم لم يكن تمرداً على إرادة الله ولا كسراً لهيبته ، بل ما فعله ( ع ) يشبه مخالفة المريض لأمر الطبيب الذي نهاه مثلاً عن المشي لمدة ساعة وأعطاه دواء ، فظن المريض المشي دواء له كما أن الدواء يقوم بمهمة المشي ويؤدي وظيفته ، لكن المشي ساعة هو الأسرع في تحقيق الغرض من الدواء الذي يحتاج إلى عشرة أيام ، فآثر المريض أن يتحمل مشقة المشي ليحقق غرض الطبيب وليفرح بالشفاء العاجل . وإذ بالنتيجة تكون عكسية حيث يظهر للمريض أن المشي ليس هو الدواء بل هو سبب الداء . فيصح القول بأنه عصى أمر الطبيب ، وإن لم يكن الطبيب سيداً له ولا نشأ أمره من موقع السيادة ، بل من موقع الإرشاد والنصيحة ، ولا تستحق مخالفة النصيحة ، ولا مخالفة أمر الناصح أية عقوبة . 7 - إن إقدام آدم ( ع ) على الأكل من الشجرة ، وكل ما جرى له عليه السلام ، قد جاء ليثبت أهلية آدم ( ع ) للنبوة ، وامتلاكه للمواصفات التي تحتاجها في أعلى درجاتها ، تماماً كما حصل لموسى ( ع ) مع الخضر ( ع ) . إذ إن ما كان يطمح إليه آدم ( ع ) ويطمع به لم يكن أمراً دنيوياً ، ولذة عاجلة ، كالسلطة ، والمال ، والجاه ، والنساء ، والمأكل ، والملبس ، وما إلى ذلك ، بل كان طموحه منسجماً مع شخصيته الإيمانية والنبوية ، وهو أن يعيش مع الله سبحانه وتعالى ، وأن يكون خالصاً له . وأن يستأصل من داخله حتى ميوله وغرائزه الذاتية التي من شأنها أن تشده إلى أمور أخرى ، ليصبح تماماً كما هو الملاك
256
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 256