نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 258
ولعل هذا الذي ذكرناه هو السر في أن إبليس لم يتحدّث لحواء وآدم ( ع ) عن الملذات التي يندفع إليهما الإنسان بدافع غريزي أو شهواني ، كالطعام والشراب والنكاح وما إلى ذلك . بل تحدث لهما عن الملك الذي لا يبلى ، وعن الحصول على صفة الملائكية وعن الخلود في كنف الله سبحانه وتعالى . 8 - إن من يراجع الآيات يجد : أن الله سبحانه حين نهاهما عن الاقتراب من الشجرة لم يقل لهما إني أعذبكما عذاباً أليماً ، أو فتكونا من العاصين ، ليكون في ذلك إشارة إلى أن في الاقتراب منها هتكاً لحرمة المولى ، وجرأة على مقامه وتعدّياً عليه وتمرداً على إرادته ، وكسراً للهيبة الإلهية ، بل قال لهما : ( فتكونا من الظالمين ( وهو تعبير يمكن فهمه على أن المقصود منه صورة ما لو كان الظلم للنفس ، ولو بأن يحملها فوق ما تطيقه ، بحسب العادة ، كأن يحملها خمسين كيلو بدلاً من عشرين مثلاً وهذا بطبيعة الحال سيرهقها ويشق عليها ، ويتعبها . ويمكن فهمه أيضاً في صورة الظلم للناس والمعنى الأول هو الذي أراده الله سبحانه حين خاطب آدم عليه السلام بهذه الكلمة . فلا يلام آدم ( ع ) إذن إذا حمله على معنى ظلم النفس ، بإرهاقها في أمر تكون نتيجة المعاناة فيه محققة لا محالة لآماله وطموحاته - كنبي - وهي التخلص من كل الغرائز والدواعي التي قد يجد فيها عائقاً عن الوصول إلى الله ، ثم الخلود على صفة الملائكية في طاعته وعبادته سبحانه ، لا الخلود من حيث هو شهوة بقاء خصوصاً إذا حصل على القدرات ، والملك الذي لا يبلى الذي من شأنه أن يوصله إلى الطاعات بصورة أيسر وأكبر وأكثر . . وإلى الأبد ، وليس إلى مدة محدودة . 9 - ثم إن الله سبحانه قد قال لآدم وزوجه : ( لا تقربا هذه الشجرة ( و ( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ( فكلمة هذه وتلكما . . تشيران إلى أن ثمة عناية إلهية في بيان أن المنهي عنه أمر محدود وخاص وجزئي بعينه ، ولم يتعلق النهي بالطبيعة الكلية ، ولا كان الحكم الصادر من قبيل الأحكام الشرعية العامة . ولأجل ذلك ورد في الحديث الشريف عن الرضا ( ع ) أنه قال للمأمون : ( ( ولا تقربا هذه الشجرة ( وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ( فتكونا من الظالمين ( ، ولم يقل لهما : لا تقربا هذه الشجرة ولا ما كان من جنسها ، ولم يقربا تلك الشجرة ،
258
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 258