نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 219
فالسماء الدنيا إذن أوسع مما نظن ، وربما تصل امتداداتها إلى ما لا يعلم من السنين الضوئية ، إذا كان ثمّة كواكب ونجوم يمكن أن يصل ضوؤها إلينا ، ونصير قادرين على رؤيتها . وأصبحت تزين هذه السماء ، وتعطيها المزيد من الرّواء والبهجة والبهاء . فإذا كان هذا حال السماء الدنيا والقريبة ، فما حال سائر السماوات : الثانية ، ثم الثالثة ، وهكذا إلى السابعة ؟ ! ولا يقف الأمر عند هذا الحد ، بل يتعداه إلى حقيقة علمية أخرى تباريه وتجاريه ، وهي : أن السماء في اتساع مستمر ، كما قال تعالى : ( والسماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون ) [1] . ثم إنه تعالى قد قرّر في آية أخرى : أن هذا الإنسان قادر على اختراق جميع السماوات ، والخروج منها جميعا إلى عالم جديد ، لم يبّيّن ما هو ، وما هي طبيعته ، وآفاقه ، وامتداداته . غير أنه أشار إلى أن هذا الاختراق سيواجه بصعوبات وموانع كبيرة وخطيرة ، لن يمكن التغلب عليها إلا بالإعداد ، والحصول على القوة ، وامتلاك قدرات فائقة وكبيرة . ثم بّين لنا طبيعة هذه الحواجز والعوائق ونوعها ، ليفهمنا بأسلوب ( بيان الواقع بتفاصيله ) : أن الكلام ليس مسوقاً على سبيل الفرض والإدّعاء بهدف التعجيز ، بل هو الحقيقة التي لا بد أن تقع في دائرة طموحات هذا الإنسان ، وفي متناول أطماعه حين يريد الله له أن يفتح عينيه على هذا الكون الرحيب ، ويثير شهيته للتعامل معه ، وللتسلّط والهيمنة عليه . وقد أشار تعالى إلى ذلك كله في الآية الكريمة التي تقول : ( يا معشر الجن والإنس ، إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ، لا تنفذون إلا بسلطان . فبأي آلاء ربكما تكذّبان ؟ يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) [2] . ثم قدّم نموذجاً عملياً لإمكان هذا الاختراق لآفاق السماوات ، وحدوثه بالفعل ، وذلك في قضية المعراج برسول الله ( ص ) . وهي قضية مسلمة عند المسلمين .
[1] سورة الذاريات ، الآية 47 . [2] سورة الرحمن ، الآية 33 - 35 .
219
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 219