نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 15
المحبوب إلا من تلك العقيدة ، وقد توطنت في نفسه وامتدت واستمكنت ، فإذا هي روحه الذي يتنفس ودمه الذي يجري . وماذا تنتظر من شيخ تتيم كهولته عقيدة نيرة وتبصره على العذاب الشديد الغليظ فيها ، وهي طرية الغرس لما تنشر عروقها في أنسجته وشرايينه ، غير أن تنتضيه ذلك السيف العاصف ، وقد هبطت جذورها إلى أخمصيه واشتبكت خيوطها في مشاشه ، وفشت منه في كل غدة وفي كل حجيرة ، حتى استحال دمه كله إيمانا وإخلاصا وحقا من الحق الصريح . لم يكن الكهل الشاب يتلقى حز الحديد ، ولفح النار ، وضغط الماء ، بلحمه ودمه ، وإنما كان يتلقاه بعقيدته وإيمانه ، فإذا لقي جلده : هذا الثوب من العذاب الشديد الغليظ أذى وتبريحا ، فقد كانت نفسه : تلك الروح ، تجد من التضحية لذة وترويحا . ثم لم يكن الشيخ الفتى يصارع عدوه بساعده وعضله ، وإنما كان يصارعه بدينه ومبدئه ، فليس هو - في واقعه - جارحة تكل ، ولا سيفا يمل ، ولا ضربة تنبو ، وإنما هو حقيقة تنصب على زيفها انصباب النور على الظلام يمزقه تمزيقا ويمحوه محوا . فأي عجب بعد هذا في أن يصبر كهل على فتنة ، أو يثبت على امتحان ، مهما غلا هذا أو تلك في قسوة ، أو بالغا فيها ؟ وأي عجب بعده في أن تشب شيخوخة هذا الكهل وقد تبين
15
نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 15