نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 124
عن بيعة علي - أن يجمح بهم ، ويضعضع حواسهم ، كي يمكن لأبي بكر أن يضع يده على أزمتهم بمثل هذه السهولة ، وما شككت في شئ فلا تشك بأن نجاح أبي بكر في السيطرة على الموقف إنما كان - في أقوى اعتباراته - نتيجة لموقف عمر ، فلو لم يثر عمر شبهة الإشاعة على هذا النحو الخشن المستهجن الذي لا يستطيع الجمهور رفضه ولا قبوله ولا محاكمته في مثل هذه البغتة ، لو لم يصنع عمر هذا الجو العجيب ، لما كان لموقف أبي بكر من الصدى ما يجعله رجل هذه المناسبة ، ولعل كلامه الذي طلع به ، لو جرد من الصناعة العمرية ، لا يزيد على كلام أي فرد من أفراد الجمهور إذا ارتفعت عنه هولة الحيرة التي سلطها أبو حفص ، فالجمهور كان واثقا من موت النبي ، ولم يكن أحد منه متخذا من محمد وثنا ، فليس فيهم إلا المسلم العارف من الإسلام بقدر ما طلع به أبو بكر عليهم . هم موحدون ، ومحمد رجل منهم يمتاز بالنبوة ، وكلهم آسف محزون لفراق نبيهم ، يأسفون ويحزنون ثم لا يزيدون ، ولا يفكرون بشئ من الانقلاب على الأعقاب ، ولكن عمر جاء فافترض هذه الشبهة ، وجعل من موت النبي موضوع إشاعة ، وبنى عليه ما بنى من موقف ، مخترعا هذه الأشياء اختراعا ليلعب بالجمهور فيصده عن علي ، ويسوقه إلى أبي بكر ليس إلا . وقد نجح بفطرته أعظم نجاح يصل إليه سياسي فرغ من علمي السياسة والاجتماع ، وبرع بتطبيق أدق قواعدهما ، ولعل لروح المغامرة يدا في هذا
124
نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 124