نام کتاب : حقيقة علم آل محمد ( ع ) وجهاته نویسنده : السيد علي عاشور جلد : 1 صفحه : 66
قال سدير : فلما ان قام عن مجلسه صار في منزله وأعلمت دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له : جعلنا الله فداك سمعناك أنت تقول كذا وكذا في أمر خادمتك ، ونحن نزعم انك تعلم علما كثيرا ، ولا ننسبك إلى علم الغيب ( 1 ) . وذكر لهم الحديث المتقدم في مطلع الطائفة السابعة من القسم الثاني من الأدلة التكوينية ، كيف انه يعلم الكتاب كله وانه أعلم من آصف . وفي رواية قال ( عليه السلام ) : " اني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون " . قال : ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه . فقال : " علمت ذلك من كتاب الله " ( 2 ) . ونحو ذلك من الروايات كثير ( 3 ) . هذا ويكمن أن يقال : أن روايات توقف علم الإمام على المشيئة ترجع إلى الاحتمال الثاني أيضا ، لأنها ليست في صدد نفي العلم اللدني للإمام ولا سلب العلم عن الإمام في بعض الأزمنة ، انما هي بصدد تبيين غزارة علمهم وانه لا يخفى عليهم شئ في السماوات والأرض ، وانهم يعلمون كل شئ متى أرادوا . وإن شئت قلت : آل محمد في عيش دائم مع الله ، وإرادتهم دوما مع الله تعالى ، ولا تفكر إلا بالله وآياته وعباداته ، فلا بد للإمام أن لا يخرج عن هذا العيش إلا للضرورة - كما تقدم - فإذا احتاج إلى علم ما لحل خصومة أو نحو ذلك استدعى علمه المخزون بإرادته ومشيئته . وهذا لا يستلزم النقص ، لأنه انما غاب عن هذه العلوم ( علوم تصريف الأمور ) للانشغال بعلوم أفضل وأشرف ، لأن عيش الإمام مع الله هو التفكر في آياته وعلم الله والعلم بصفاته وأسمائه ، وهذا أشرف العلوم وأكملها .