نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 8
بالجملة فهو عالم الأوان ومصنفه ، ومقرط البيان ومشنفه بتآليف كأنها الخرائد وتصانيف أبهى من القلائد ، وضعها في فنون مختلفة وأنواع ، وأقطعها ما شاء من الاتقان والإبداع ، وسلك فيها مسلك المدققين ، وهجر طريق المتشدقين ، إن نطق رأيت البيان منسربا من لسانه ، وإن أحسن رأيت الإحسان منسبا إلى إحسانه . جدد شعائر السنن الحنيفية بعد أخلاقها ، وأصلح للأمة ما فسد من أخلاقها ، وبه اقتدى من رام تحصيل الفضائل ، واهتدى بهداه من تحلى بالوصف الكامل عمر مساجد الله وأشاد بنيانها ، ورتب وظائف الطاعات فيها وعظم شأنها ، كم أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وكم أرشد من صلى وصام وحج واعتمر . كان لأبواب الخيرات مفتاحا ، وفي ظلمة عمى الأمة مصباحا ، منه تعلم الكرم كل كريم ، وبه استشفى من الجهالة كل سقيم ، واقتفى أثره في الاستقامة كل مستقيم لم تأخذه في الله لومة لائم ، ولم يثن عزمه عن المجاهدة في تحصيل العلوم الصوارم أخلص لله أعماله فأثرت في القلوب أقواله . أعز ما صرف همته خدمة العلم وأهله ، فحاز الحظ الوافر لما توجه إليه بكله . ولقد كان مع علو رتبته وسمو منزلته على غاية من التواضع ولين الجانب ، ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطالب ، إذا اجتمع بالأصحاب عد نفسه كواحد منهم ، ولم تمل نفسه إلى التميز بشئ عنهم ، حتى أنه كان يتعرض إلى ما يقتضيه الحال من الأشغال من غير نظر إلى حال من الأحوال ، ولا ارتقاب لمن يباشر عنه ما يحتاج إليه من الأعمال . ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله ويصلي الصبح في المسجد ، ويشتغل بالتدريس بقية نهاره ،
8
نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 8