نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 9
فلما أشعرت منه بذلك كنت أذهب معه بغير اختياره ، وكنت أستفيد من فضائله ، وأرى من حسن شمائله ما يحملني على حب ملازمته وعدم مفارقته . وكان يصلي العشاء جماعة ويذهب لحفظ الكرم ويصلي الصبح في المسجد ، ويجلس للتدريس والبحث كالبحر الزاخر ، ويأتي بمباحث عقل عنها الأوائل والأواخر . ولعمري لقد اشتمل على فضيلة جميلة ومنقبة جليلة ، تفرد بها عن أبناء جنسه وحباه الله بها تزكية لنفسه ، وهي أنه من المعلوم البين أن العلماء رحمهم الله لم يقدروا على أن يرجوا أمور العلم ، وينظموا أحواله . ويفرغوه في قالب التصنيف والترصيف ، حتى يتفق لهم من يقوم بجميع المهمات ويكفيهم كل ما يحتاجونه من التعلقات ، ويقطع عنهم جميع العلائق . ويزيل عنهم جميع الموانع والعوائق : إما من ذي سلطان يسخره الله لهم أو ذي مروة وأهل خير يلقى الله في قلبه قضاء مهماتهم ، لئلا يحصل الاخلال باللطف العظيم . ويتعطل السلوك إلى المنهج القويم ، ومع ذلك كانوا في راحة من الخوف بالأمان وفي دعة من حوادث الزمان ، ولكل منهم وكلاء قوامون بمصالح معيشتهم ونظام دنياهم ، بحيث لا يعرفون إلا العلم وممارسته . ولم يبرز عنهم من المصنفات في الزمان الطويل إلا القليل ومن التحقيقات إلا اليسير ، وإن كان بعضهم خارجا عما ذكرنا ، فلا غرو ما كان فيه شيخنا الشهيد من تمام التوفيق الموصل إلى غاية مدارك التحقيق . وكان شيخنا المذكور روح الله روحه معنا عرفت بتعاطي جميع مهماته بقلبه وبدنه ، حتى لو لم تكن إلا مهمات الواردين عليه ومصالح الضيوف المترددين إليه ، مضافا إلى القيام بأحوال الأهل والعيال ونظام المعيشة ، واتقان أسبابها من
9
نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 9