نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 60
ولم يسع في تحصيل مرضاته ذمه العقلاء ، ورأوا سلب تلك النعم عنه حسنا ، وحينئذ فيحكم ضرورة العقل بوجوب شكر ذلك المنعم . ومن المعلوم أن شكره على وجه يليق بكمال ذاته يتوقف على معرفته ، وهي لا تحصل بالظنيات كالتقليد وغيره ، لاحتمال كذب المخبر وخطأ الأمارة ، فلا بد من النظر المفيد للعلم . وهذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن والقبح ، والأشاعرة ينكرون ذلك ، لكنه كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل ، يدل أيضا على كون الوجوب عقليا . واعترض أيضا بأنه مبني على وجوب ما لا يتم الواجب المطلق إلا به ، وفيه أيضا منوع للأشاعرة . ومن ذلك أن الأمة اجتمعت على وجوب المعرفة ، والتقليد وما في حكمه لا يوجب العلم ، إذ لو أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد حدوث العالم ويعتقد قدمه . وقد اعترض على هذا بمنع الإجماع ، كيف ؟ والمخالف معروف ، بل عورض بوقوع الإجماع على خلافه ، وذلك لتقرير النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه العوام على إيمانهم وهم الأكثرون في كل عصر ، مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع وصفاته ، مع أنهم كانوا لا يعلمونها ، وإنما كانوا مقرين باللسان ومقلدين في المعارف ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بإيمانهم . وأجيب عن هذا : بأنهم كانوا يعلمون الأدلة إجمالا ، كدليل الأعرابي حيث قال : البعرة تدل على البعير ، وأثر الأقدام على المسير ، أفسماء [1] ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير ، فلذا أقروا ولم يسألوا عن اعتقاداتهم ، أو أنهم كان يقبل منهم ذلك للتمرين ، ثم يبين لهم ما يجب عليهم من