نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 155
ومنها : ما عدوه عمدة في هذا المطلب إجماع الصحابة ، حتى جعلوا ذلك من أهم الواجبات واشتغلوا به عن دفن الرسول صلى الله عليه وآله . وقد روي أنه توفي النبي صلى الله عليه وآله خطب أبو بكر فقال : أيها الناس من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا صلى الله عليه وآله قد مات ، ومن كان يعبد رب محمد ، فإنه حي لا يموت ، لا بد لهذا الأمر ممن يقوم به ، فانظروا فأتوا آراء كم رحمكم الله ، فتبادروا من كل جانب وقالوا : صدقت لكنا ننظر في هذا الأمر ، ولم يقل أحد منهم أنه لا حاجة إلى الإمام . أقول : أما الدليل الأول ، فإنا نقول بموجبه ، لكنه لا يدل ما ادعوه من كون وجوب نصب الإمام سمعيا ، بل إن دل فإنما يدل على أن من مات ولم يعرف إمام زمانه ، أي : الذي يثبت إمامته في زمانه ، والثبوت أعم من كونه سمعيا ، فلا يدل على مدعاهم . بل فيه دلالة على أن ميتة هؤلاء ميتة جاهلية من حيث لا إمام لهم معروف عندهم بعد الأربعة السابقين ، كما تقدمت الإشارة إليه ، هذا شأن من ضل عنه ما كان لعثرته [1] ينطق لسانه بالحق مع ضلال قلبه عن الهدى . وأما الثاني ، فلا يتم الاستدلال به على مذهبهم ، لأنه مبني على أن مقدمة الواجب واجبة ، المبني على عدم جواز تكليف ما لا يطاق ، المبني على الحسن والقبح العقليين ، وهم لا يقولون به . إن قلت : لعل غرضهم بذلك إلزام الخصم ، فيكون دليلا جدليا لا برهانيا . قلت : هذا مع كونه خلاف الظاهر من مقام استدلالهم على هذا المطلب ، فهو منقلب عليهم ، إذ جميع ما ذكروه من إقامة الحدود وسد الثغور وتجهيز الجيوش وغيرها ، لا ريب في كونها ألطافا في حفظ بيضة الإسلام وتقوية شوكته .