نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 143
ويمكن أن يقال : على اعتبار اللزوم لا يصدق الدليل على المقدمات حال ترتيبها ، لأن اللزوم لا يحصل عنده بل بعده . اللهم إلا أن يراد باللزوم اللغوي ، أي الاستتباع . ثم إن الذي يكفي اعتباره في تحقق الإيمان من هذه التعاريف هو التعريف الثاني للأصوليين ، لكن بعد النظر فيما يمكن التوصل به لا الأول ، لأن ما يفيد الظن بالمعارف الأصولية غير كاف في تحقق الإيمان على المذهب الحق . ولا يعتبر في تحققه شئ من تعريف المنطقيين ، لأن العلم بترتيب المقدمات وتفصيلها على الوجه المعتبر عندهم غير لازم في حصول الإيمان . بل اللازم من الدليل فيه ما تطمئن به النفس بحسب استعدادها ويسكن إليه القلب ، بحيث يكون ذلك ثابتا مانعا من تطرق الشك والشبهة إلى عقيدة المكلف وهذا يتفق كثيرا بملاحظة الدليل إجمالا ، كما هو الواقع لأكثر الناس . أقول : يمكن أن يقال إن حصول العلم عن الدليل لا يكون الأبعد ترتيب المقدمات على الوجه التفصيلي [1] المعتبر في شرائط الاستدلال ، وحصوله في النفس وإن لم يحصل الشعور بذلك الترتيب ، إذ ليس كل ما اتصفت به النفس تشعر به ، إذ العلم بالعلم غير لازم . والحاصل أن الترتيب المذكور طبيعي لكل نفس ناطقة مركوز فيها . وهذا معنى ما قالوه من أن الشكل الأول بديهي الانتاج لقربه من الطبع فدل على أن في الطبيعة ترتيبا مطبوعا متى أشرفت عليه النفس حصل به العلم ، وحينئذ فالمعتبر في حصول العلم بالدليل ليس إلا ما ذكره المنطقيون . والخلاف بينهم وبين الأصوليين ليس إلا في التسمية ، لأنهم يطلقون الدليل علي نفس المحسوس كالعالم ، وأهل المعقول لا يطلقونه إلا على نفس المعقول