نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 211
ولعل المراد بالقرآن تلاوته والعمل بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام ، فيصير بذلك من خصال هذه الأمة ، فيكون من أسباب تفضيلهم على سائر الأمم ، أو المراد أن مجرد كون القرآن فيهم وكونه كتابهم يوجب تفضيلهم عليهم . ويحتمل أن يكون المراد بالعلم علم القرآن ، فإن فيه علم كل شئ بحيث لا يشذ منه شئ ، أو الأعم فيدل على أن هذه الأمة أعلم من سائر الأمم . ويؤيده قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " [1] . فإن قلت : هذا الحديث يشعر بأن بني إسرائيل كانوا يراعون العاشوراء ، ويفعلون فيها البكاء والمرثية والعزاء ، لأن موسى ( عليه السلام ) إنما سأل عن تلك الخصال ليأمرهم بها فيدركوا بذلك ما تدرك أمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) من الثواب والفضل . قلت : هذه المصيبة لما لم تصبهم في ذلك الوقت فما كان لهم فيها من الأجر كأجرهم ، كما يدل عليه قوله تعالى : " ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى " فإن المشار إليه بذلك هو الزمان الحادث بعد حدوث واقعة كربلاء وداهية نينوى ، ولذلك قيل : إن عاشوراء اسم إسلامي ، أي : ما كان قبل هذه الأمة . فحاصل الجواب : أن سائر الأمم لا يدركون ما تدركه هذه الأمة من القرآن والعلم والعاشوراء ، ولذلك لا ينالون ما نالوا من الفضل والثواب ، إذ هو فرع إدراك هذه الخصال ، وغير هذه الأمة ما أدركوها لعدم تحققها فيهم كلا وإن تحقق بعضها . ثم إن قوله تعالى : * ( ما من عبد من عبيدي ) * يشمل بظاهره المؤالف والمخالف ، فيدل على أن البكاء والمرثية عليه ( عليه السلام ) يوجب الجنة وإن كان الباكي مخالفا بل كافرا . وهو مشكل ، فلا بد : إما من القول بأن المخالف لا يبكي ولا يتباكى عليه ، وإما من تقييده بالإيمان ، كما لا بد من تقييد قوله : " كانت له الجنة ثابتا فيها " وهذا يدل على جواز وقوع الحال عن المضاف إليه ، وهو الضمير المجرور في " له "