نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 205
فإن أدى نظره إلى الأول فلا كلام ، وإن خالف وجب الفتوى بالأخير [1] . وذهب العلامة في التهذيب [2] إلى جواز بناء المجتهد في الفتوى بالحكم على الاجتهاد السابق . قيل : ولا ريب أن ما ذكره المحقق أولى ، غير أن ما ذهب إليه العلامة متوجه ، لأن الواجب على المجتهد تحصيل الحكم بالاجتهاد وقد حصل ، فوجوب الاستئناف عليه بعد ذلك يحتاج إلى دليل وليس بظاهر . أقول : هذا الحديث بظاهره دليل عليه ، لأن المفتي وقت إفتائه إنما يكون على برهان من ربه وحجة منه إذا كان ذلك البرهان حاضرا له في هذا الوقت وهو ذاكر له وناظرا فيه وحاكم بما يقتضيه ، فحينئذ يمكنه أن يقول : هذا الحكم مما يقتضيه هذا البرهان . ومن البين أنه إذا كان غائبا عنه وهو لا يلاحظه بعين بصيرة ولا يأخذه بيد غير قصيرة لا يمكنه ذلك بوجه ، إذ ربما يؤدي نظره فيه في هذا الوقت إلى ما يخالف مقتضى نظره الأول ، فكيف يمكنه أن يقول : هذا مما اقتضاه هذا البرهان ، وهو مخالف لمقتضاه ومغاير لمؤداه ، فلا يصدق عليه وقتئذ أنه قد حصل الحكم بالاجتهاد ، لأن هذا الحكم في هذا الوقت ليس مما اقتضاه هذا البرهان ، فيدخل بذلك تحت حكم من حكم بحكم ولا إذن ولا برهان له عليه من الله ، وهو منهي عنه . وقوله ( عليه السلام ) : " لأن من أفتى حكم " أي : حكم بأن هذا حكم الله في هذه القضية وجب على المكلف قبوله واعتقاده ، والحكم بأن هذا حكم الله لا يجوز إلا بأمر وأخصه من الله وبرهان وحجة منه ، وليس المراد أن الفتوى هي الحكم ، لأنهما وإن اشتركا في أن كلا منهما إخبار عن حكم الله تعالى فيجزم المكلف اعتقاده من حيث الجملة إلا أن بينهما فرقا ، لأن الفتوى مجرد إخبار عن حكم الله تعالى بأن