يقف أمام رغباتهم ، ومن رجاله من يبررون للحكام ظلمهم ، فيعجبهم كل من يهاجم الدين ورجاله ، ويتجرأ على مقدساته . أما مستندهم الفكري في ذلك ، فلا يحق لك أن تسأل عنه ، بل عليك أن تعلن موقفك أولاً : هل أنت معهم ، أم ضدهم ؟ فإن كنت معهم أصغوا إليك وتقبلوا أفكارك التي تفيدهم في حركتهم ! وإلا فأنت عدوهم ، وعليهم أن يهاجموك بقسوة وسخرية ! فهذه فلسفة القوة التي تعلموها من نيتشه ومدرسته ! لقد رتب هؤلاء أولوياتهم : فالموقف السياسي قبل الفكر ، وقبول الغرب وتعظيمه قبل الفكر ، ورفض الواقع والنقمة عليه قبل الفكر ، ورفض الدين والتمرد عليه قبل الفكر . وفي الحقيقة : أن الذات عندهم قبل الفكر ، وإن لفُّوها بلفافة فكرية خَلِقَة ! بل الفكر عند بعضهم ليس أكثر من مسَّاحة لحذائه ، أو الأسوأ ! فهل تستطيع أن تناقش أشخاصاً كهؤلاء ؟ ! ليس في كلامي مبالغة ، فإن أزمة هؤلاء الناقمين هو ذاتهم ، التي يستغرق أحدهم فيها ، ويجلس كالسبع الضاري يترصد أي فكر يمس بها ، لينقضَّ عليه ! إن إعجابهم بنيتشه يدلك على بؤسهم ، حيث جعلوا قدوتهم شخصاً غربياً اتفق كل من ترجم له على أنه شخصية مهزوزة العقل والسلوك ! فجدُّه كان مصاباً بنوع من المرض والجنون وقد مات بسببه ، وأبوه كذلك ! أما هو فكان مصاباً بالصرع ، وأصيب بمرض جنسي أفقده القدرة على الزواج ، وعاش متسكعاً بين ألمانيا وإيطاليا والنمسا ، حتى أصيب بالجنون لمدة عشر سنوات أو أكثر ، حتى مات ! وكتبوا عنه أنه كان في صباه متديناً ، وكان أهله يأملون فيه أن يكون قسيساً ،