غربي وأشرت ذات مرة في موضوع علقت فيه على أمثال صارت لدينا بني يعرب بمثابة البوصلة التي يتحدد عليها السلوك . . يزعم عبد الرحمن بدوي في " سيرة حياتي " أن كتابه الموسوم " نيتشه " ضمن سلسلة " خلاصة الفكر الأوروبي " قد أثر في جمال عبد الناصر ، وفي الضباط الأحرار ، وقد قبسوا منه فكرياً قبل أن يثوروا . . . والكتاب بالفعل من أول صفحة يدعو إلى الثورة بأسلوب أدبي رفيع . . ولكن هل أصيب بالجنون في آخر ثلاث سنوات من عمره ؟ أغلب الآراء تؤكد ذلك ، وبعضها الآخر ينفي . والجميل أن الجامعات الأوربية لا زالت تبحث عن المزيد من سيرة هذا الرجل ومن مؤلفاته ، بينما اكتفى بني يعرب بترديد ما قاله الأسلاف ، أو بمعنى آخر اقتبسه من الأسلاف نفسهم " . ما ترك الأول للآخر شيئاً " هكذا نحن العرب . الدكتور بدوي ارتأى أن يستعمل مصطلح " الذحل " لوصف حالة العبيد ، وهو مصطلح عربي أفاض فيه أبو حيان التوحيدي في " المقابسات " . ودمتم . وكتب غشمرة : نيتشه ، فيلسوف القوة ، ومن أكثر الفلاسفة المعاصرين إثارة للجدل ، ولعلي لو قلت إن لفلسفة القوة التي بشر بها في ألمانيا أثرها في الحربين العالميتين لما كنت مبالغاً . فمن المؤسف أن فلسفة القوة التي نادى بها نيتشة استغلت أسوأ الاستغلال لأغراض عنصرية بحته ، وليس الذنب ذنب الفيلسوف الكبير ، ولكنه ذنب الحمقى حين لا يحسنون الفهم ، ويلوون رقبة النصوص لتتناسب مع ما ينشدونه من غرور وتعاظم ، لذلك آمن بها هتلر وموسوليني وأضرابهم من الدكتاتورات شرقاً وغرباً ! ومن المفيد هنا أن نتعلم أن الحرية التي كان نيتشه يسعى إليها لم تكن تعني