وكتب غربي : غشمرة . . . تعلم يا غشمرة بأنني لم أكن أتحدث عن العقل ، ولا عن أدواته ، ولا أساليبه ، وكان كل حديثي منصباً على الجزئية المتناهية في الصغر ، المتناهية في الخطر ، حرمة العقل . وأنا أستغرب يا غشمرة . . فأنت تطالبني بإحصاء آيات العقل ، ثم تطالبني بإحصاء آيات حفظ الفروج ! لمَ لم تطلب مني إحصاء آيات حفظ العقول . . وهي المقابلة لآيات حفظ الفروج ؟ أم نحن في مشكلة مصطلح ، أم هو الالتفاف الغشمري الذي عهدناه ؟ لا بأس . . حرمة العقل ، يمكن تعريفها ، ببعض ما هي ليست منها ، كالتالي : قولبة العقل ، ووضعه في إطار ضيق ، ومنع الخروج عليه . فرض الحدود والحواجز عليه . التدخل في بنيته ، وجمح عقاله ، ومنعه من الانطلاق . إعمال القتل في بعض الحالات ، التي ربما يكون العقل هو منطلقها الأساس ، كالردة ، ونقد بعض النصوص المقدسة ، والاعتراض على بعض ما يسمى بالأصول ، انتهاك الحريات بمعناها الشمولي ، وهي الممول الأقوى للعقل ، وهي معينه الذي لا ينضب . السؤال من جديد : هل اهتم النص المقدس بحرمة العقل ؟ الجواب ، بكل ألم : لا . مع استثناء بسيط ، هو الذي ذكرته أنا بوضوح كامل ، والذي يشير إلى أن القرآن اهتم بحرمة العقل ، إن كان هذا العقل فقط هو ( العقل المقولب الذي صاغه هو ! ) وهنا كلام بسيط . . يعمل الخطاب القرآني ، والإسلامي ككل ، على تشكيل العقل المسلم ، بملامح محددة وواضحة ، وعندها وعندها فقط يطالب بحرمتها والتأمين عليها من كل مؤثر خارجي ( غير شرعي ) وحفظ ملامحها تلك من الانتهاك . لم يأت الخطاب أبداً بشكل عمومي يحفظ للعقل الإنساني حرمته ، بعيداً عن حفظ ملامحه المشكلة مسبقاً .