وهذا هو السبب الذي يجعل مجتمعاتنا أفضل ، لأنها ما زالت تحتفظ بقدر من القيم الإنسانية والإسلامية . نعم ، لا يصح أن لا نقع في خطأ التعميم ، فلا بد أن نستثني من حكمنا ثلاثة حقول من أناس المجتمعات الغربية : الحقل الأول ، بعض الأوساط والأسر الغربية التي أثرت فيها المسيحية ، وصنعت في شخصياتهم إيماناً وشفافية ، فتميزت عن مجتمعاتهم . والحقل الثاني ، أنه يوجد في كل مجتمع بشري أفراد وأسر خيرة ، تنسجم مع فطرتها وعقلها ، ولذا قال الله تعالى : وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً . ( الفرقان : 51 ) ومعناه أنه يوجد في كل قرية أو مدينة شخص خيِّر ، هو مشروع نبي ! ولكن كم يبلغ أولئك أمام بحر المجتمع الغربي وتياره المادي ؟ ! والحقل الثالث ، الغربيون الذين بقي فيهم قدر من أصالة الإنسان ، فإن الانحراف البشري غالباً له حدود ، والفطرة البشرية لها انتفاضات على الإفراط فيه . وقد ورد أن الله تعالى يعطي أعداءه بعض أخلاق أوليائه ، ولولا ذلك لما استطاع أولياؤه أن يعيشوا معهم ! والأمر الثاني أن المجتمعات الغربية وصلت من تجاربها وصراعاتها المريرة ، الداخلية والخارجية ، إلى نتيجة في نظام الحكم والحكومة هي : ضرورة القانون . والى نتيجة في مجتمعاتها هي : ضرورة ( الأخلاق الاجتماعية ) . لكن هذه الضرورة مادية ، لا علاقة لها بعقيدة دينية أو فكر إنساني ! ولذلك كان تعبير المدنية أصدق عليها من الأخلاق ! فإن الأخلاق الدينية معادلتها التقوى والإيمان بالله والآخرة والجزاء ، والأخلاق الإنسانية معادلتها