عشق الإنسان لقيم معينة سواء نفعته أو أضرَّت به ! أما ( الأخلاق الاجتماعية الغربية ) فمعادلتها أن الأساليب غير المباشرة ، أنفع في تحقيق الهدف المادي من الأساليب المباشرة ! فقد كان الغربي قبل ألفي سنة وقبل خمسمئة سنة ، إذا رأى أحداً يحمل ذهباً يقتله ويأخذ ماله بشكل مباشر ، وكان مجتمعه يقول عنه إنه شجاع وله الحق ، ما دام قوياً يحمي نفسه وما حازه ! أما اليوم فالغربي يقدم لصاحب الذهب أنواع الود والاحترام ، ويخدمه خدمات جزئية حقيقية أو زائفة ، ويأخذ ماله بأساليب ملتوية ، بل يجعله إن استطاع يعمل ويكسب له الذهب حتى يموت ، ويقول عنه مجتمعه إنه ناجح وله الحق ! لقد صارت السرقة وغيرها من الممارسات المادية القديمة عملية مقننة ! والأخلاق الاجتماعية ليست إلا تقنيناً لنفس المادية التي كانت تعيشها القبائل المتناحرة في الداخل ، والقراصنة المتناثرة في الساحل ! الأمر الثالث ليس بإمكان الغربيين أن يقدموا للعالم علوماً إنسانية محايدة ، لسبب بسيط أنهم عاشوا تاريخهم بعامل واحد ، هو العامل الاقتصادي والمنفعة المادية ، فعندما يقول العالم الغربي : إن تاريخ الإنسان يتلخص بالركض وراء المنفعة المادية ، فهو يؤرخ لنفسه ومجتمعاته ، ودوافعها في صراعاتها . والذي لا يرى في نفسه إلا الدوافع المادية ، ولا يرى شعوب العالم وتاريخها وأنبياءها عليهم السلام وأديانها إلا بهذا المنظار ، كيف يمكنه أن يفهم عوالمها ويفسر دوافعها وتاريخها ؟ ! لكن المشكلة فينا عندما نجعل المحرك للإنسان الأوروبي هو نفسه المحرك لغيره في طول شعوب الأرض وعرضها ! فلماذا لا يكون العامل الروحي مثلاً ؟