فأخبروني عن الله عز وجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا ؟ قال عليه السلام : لو خلقهم مطيعين ، لكن يكن لهم ثواب . لأن الطاعة إذا ما كانت فعلهم ، لم تكن جنة ولا نار . ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته واحتج عليهم برسله وقطع عذرهم بكتبه ، ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ويستوجبون بطاعتهم له الثواب ، وبمعصيتهم إياه العقاب . قال : فالعمل الصالح من العبد هو فعله والعمل الشر من العبد هو فعله ؟ قال : العمل الصالح من العبد بفعله والله به أمره . والعمل الشر من العبد بفعله والله عنه نهاه . . . . [1] وقال أيضا : وروي أنه دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبد الله بن مسلم فقال له : يا أبا حنيفة إن هاهنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد عليهم السلام . فاذهب بنا إليه نقتبس منه علما . فلما أتيا إذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه . فبينما هم كذلك . إذ خرج غلام حدث ، فقام الناس هيبة له . فالتفت أبو حنيفة فقال : يا بن مسلم ، من هذا ؟ قال : هذا موسى ابنه . قال : والله أخجله بين يدي شيعته . قال له : لن تقدر على ذلك . قال : والله لأفعلنه . ثم التفت إلى موسى عليه السلام فقال : . . . يا غلام ممن المعصية ؟ قال : يا شيخ ، لا تخلو من ثلاث : إما أن تكون من الله وليس من العبد شئ ، فليس للحكيم أن يأخذ عبده بما لم يفعله . وإما أن تكون من العبد ومن الله ، والله أقوى الشريكين ، فليس للشريك الأكبر أن يأخذ الشريك الأصغر بذنبه . وإما أن تكون من العبد وليس من الله شئ . فإن شاء عفى وإن شاء عاقب .