نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 128
في غيرها ، وذلك محال ، ولأنه لو صح منه الاختراع لجاز أن يخترع في الإصبع الواحدة من حمل الثقيل ما ينقل باليدين ، والمعلوم خلاف ذلك ، ولأنا نعلم انتفاء الحياة بانتقاض هذه البنية ، ولو كان الحي غيرها لكان لا فرق بين قطع الرأس والشر ، والمعلوم خلاف ذلك . وببعض ما قدمناه يبطل كون الحي بعض الجملة ، لصحة الإدراك بجميع أبعاضها ، وبوقوع الأفعال في حالة واحدة بكثير من أعضائها ، مع تعذر الاختراع على ما بيناه . وأما صفات المكلف ، فيجب أن يكون قادرا ليصح منه إيجاد ما كلف ، والقدرة مختصة بمقدوراته سبحانه ، فيجب عليه فعلها . وإن كان التكليف يفتقر إلى آلة وجب في حكمته سبحانه فعل ما يختصه كاليد والرجل " وتمكينه من تحصيل ما يختصه كالقلم والقوس ، لتعذر الفعل المفتقر إلى آلة من دونها ، لتعذره من دون القدرة . وإن كان التكليف مما يفتقر العلم به والعمل إلى زمان وجب تبقية الزمان الذي يصحان في مثله ، لأن اخترامه من دونه قبيح . ويجب أن يكون عالما بتكليفه ووجهه ، أو متمكنا من ذلك ، لأن الغرض المقصود من الثواب لا يثبت مع الجهل بوجوب الأفعال ، لاختصاص استحقاقه بإيقاع ما وجب أو ندب إليه واجتناب ما قبح للوجه الذي له حسنا وقبح هذا ، ولأن المكلف لا يأمن براءة ذمته مما وجب عليه فعلا وتركا من دون العلم بهما . فما اقتضت الحكمة كونها من فعله تعالى ، فلا بد من فعله للمكلف ، كالعلم بالمشاهدات بأوائل العقول وسائر الضروريات ، وما اقتضت المصلحة كونه من فعل المكلف ، وجب إقداره عليه بإكمال عقله ونصب الأدلة وتخويفه من ترك النظر فيها ، ويكفي ذلك في حسن تكليف ما يجب علمه استدلالا ، وإن لم يكن
128
نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 128