نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 125
بظل حائطه ، والتقاط المتناثر من حب زرعه ، وتناول الماء من نهره . ليس بصحيح ، لأنه لو كان الوجه فيه كونه نفعا خالصا لوجب كل نفع خالص ، لأن صفة الوجوب لا تختص بمثل دون مثل ، وقد علمنا ضرورة خلاف ذلك ، وإنما قبح المنع بحيث ذكروه لكونه عبثا لا غرض فيه ، ولهذا متى حصل فيه أدنى غرض حسن ، ولو كان الوجه في قبح منعه كونه نفعا خالصا لم يحسن ، لوجود غرض فيه كالظلم ، على أن مثالهم بخلاف الأصلح ، لقولهم بوجوب فعل ما فيه نفع خالص ، وقد علمنا أنه لا يجب بناء الحائط للاستظلال به ، ولا حفر النهر لتناول الماء منه ، ولا نثر الحب للالتقاط ، وإذا لم يجب فلا شاهد لهم . ولا لهم أن يتعلقوا في إيجابه : بأن فاعله جواد ومانعه بخيل [1] ، وصفة الجود مدح وهو جدير بها سبحانه ، وصفة البخل ذم لا يجوز عليه تعالى . لأن ذلك تعلق بعبارة يجوز غلط مطلقها وصوابه ، ولا يجوز إثبات وجه الوجوب والقبح للموصوف ضرورة أو استدلالا ؟ ولا يجوز عند أحد من العلماء إثبات صفات الذوات بها ، على أن المعلوم اختصاص إطلاق الجود والبخل بغير من ذكروه ، لأنه لا أحد يصف من لم يمنع من الاستظلال والالتقاط الذي هو شاهد طم بأنه جواد ، وإنما يصفون بذلك من أكثر الإحسان كحاتم وإن كان عليه فيه ضرر ، بل لا يصفون بالجود من له إحسان ما ، ولو كان الجود اسما لمن ذكروه لوجب اختصاصه به ، أو إطلاقه ، والمعلوم خلاف ذلك . وأما بخيل فليس بوصف لمن ليس بجواد ، يعلمنا بوجود أكثر العقلاء غير موصوفين بالجود ولا البخل ، ولو كان اسما لمن منع نفعا خالصا لوجب وصف كافة العقلاء به ، حتى الأنبياء والأوصياء والفضلاء ، لأنه لا أحد منهم إلا وهو مانع ماله هذه الصفة ، وإنما هو مختص بمانع الواجب عليه لغيره ، لكونه اسما للذم