نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 124
شئ يعلم من حال الباقين كونهم مختارين لما كلفوه عنده ، فيختص فعله إذ ذاك بمن علم من حاله كونه غير مختار عنده لشئ من القبائح ، دون من علم أنه لا يترك القبح عند شئ من الأفعال ، كما خبر عنهم سبحانه بقوله : ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) [1] ، يريد : أن يشاء إلجائهم ، وكقوله سبحانه : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) [2] ، وأمثال ذلك من الآيات الدالة على وجود مكلفين لا يختارون شيئا من الطاعات ، ولا يتركون شيئا من القبائح ، وإن فعل لمم كل آية . يحسن تكليف من يعلم أنه لا لطف له وأنه يطيع أو يعصي على كل حال ، لأنه متمكن بجميع ضروب التمكين مما كلف ولم يمنع واجبا ، وليست هذه حال من لطفه في القبيح أو فيما لا نهاية له ، لأن هذا اللطف لم يفعل له ، فقبح تكليفه . وأما الصلاح الدنيوي العري من وجوه القبح فغير واجب ، لأنه لا تعلق له بالتكليف ولا له في نفسه صفة وجوب كالصدق والإنصاف ، لأن وجوب ما هذه حاله معلوم ضرورة على جهة الجملة ومكتسبا على جهة التفصيل ، ولأنه لو كان له وجه يقتضي وجوبه لكان ذلك لكونه نفعا ، وذلك يوجب كل نفع لا ضرر فيه على الفاعل والمفعول له ، والمعلوم ضرورة خلاف ذلك ، لوجودنا [3] سائر الأغنياء من العقلاء يمنعون غيرهم ماله هذه الصفة ولا يستحقون ( به ) الذم [4] من أحد . وتعلق القائلين بالأصلح في إثبات وجه لوجوبه : بذم مانع الاستظلال
[1] الأنعام 6 : 111 . [2] البقرة 2 : 145 . [3] في النسخة : " لوجوب " وفوق الباء ورد : " دنا " . [4] في النسخة : " ولا يستحقون بالذم " .
124
نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 124