أو فرع من الفروع ، فاقتنع أحدهم بما يقوله الآخر وانتقل إلى مذهبه ، كان كانتقال الحنفي إلى الشافعيّة أو بالعكس ، وهكذا . . . وما أكثره في تراجم الرجال وكتب السير [1] .
[1] ومن أطرف ما رأيته في الباب ما ذكره الذهبي ، وأنقله بنصّه : « محمّد بن حمد بن خلف أبو بكر البندنيجي حنفش ، الفقيه ، تحنبل ثمّ تحنف ثمّ تشفّع . فلذا لقّب حنفش . ولد سنة 453 وسمع الصيريفيني وابن النقور وأبا علىّ بن البنّاء ، وتلا عليه . وعنه : السمعاني ، وابن عساكر ، وابن سكينة . قال أحمد بن صالح الختلي : كان يتهاون بالشرائع ، ويعطّل ، ويستخفّ بالحديث وأهله ويلعنهم . وقال السمعاني : كان يخل بالصلوات . توفّي سنة 538 » ميزان الاعتدال 3 : 528 أقول : كأنّ هذا الفقيه ! ! علم أنّه لن يفلح بالعمل بمذهب ابن حنبل فالتجأ إلى مذهب أبي حنيفة ، ثمّ إلى مذهب الشافعي ، فلم ير شيئا من هذه المذاهب بمبرئ للذمّة ، ولم يجد فيها ضالّته ، وهو يحسب أن لا مذهب سواها ! فخرج عن الدين وضلّ ! ! أمّا التهاون والإخلال بالصلوات . . . فهو موجود في أئمّتهم في الفقه والحديث . . . نكتفي بذكر واحد منهم ، وهو : الشيخ زاهر بن طاهر النيسابوري الشحاميّ المستملي - المتوفّى سنة 533 - الموصوف في كلمات القوم بالشيخ العالم ، المحدّث ، المفيد ، المعمّر ، مسند خراسان ! ! الشاهد ! العمدة في مجلس الحكم ! ! والذي حدّث عنه - في خلق كثير - غير واحد من أئمّتهم كأبي موسى المديني ، والسمعاني ، وابن عساكر . . . فقد ذكروا بترجمته أنّه كان يخلّ بالصلاة إخلالاً ظاهراً ، حتّى أن أخاه منعه من الخروج إلى أصبهان لئلا يفتضح ، لكنّه سافر إلى هناك وظهر الأمر كما قال أخوه ، وعرف أهل أصبهان ذلك ، فترك الرواية عنه غير واحد من الحفّاظ تورّعاً ، وكابر وتجاسر آخرون كما قال الذهبي . ومن هنا ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 64 ، بل أدرجه في الضعفاء 1 : 360 ، وابن حجر في لسان الميزان 2 : 470 ، وراجع ترجمته أيضاً في سير أعلام النبلاء 20 : 9 ، والعبر 2 : 445 . وقال الذهبي بترجمة أخيه المشار إليه : « أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمّد الشحامي ، أخو زاهر . . . كان خيّراً متواضعاً متعبّداً لا كأخيه » . وهل ينفعه - بعد شهادة السمعاني والذهبي وغيرهم - الاعتذار له بشي من المعاذير ؟ ! ولو شئت أن أذكر المزيد لذكرت ! !