لأنّهما لم يناقشا أصلاً في دلالة الآية المباركة والحديث القطعي على أفضليّة عليّ عليه السلام على سائر الصحابة . أمّا في الاستدلال بها على أفضليّته على سائر الأنبياء فلم يناقشا بشي من مقدّماته إلاّ أنّهما أجابا بدعوى الإجماع من جميع المسلمين - قبل ظهور الشيخ الحمصي - على أنّ الأنبياء أفضل من غيرهم . وحينئذ ، يكفي في ردّهما نفي هذا الإجماع ، فإنّ الإماميّة - قبل الشيخ الحمصي وبعده - قائلون بأفضليّة علىّ والأئمّة من ولده ، على جميع الأنبياء عدا نبيّنا صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويستدلّون لذلك بوجوه من الكتاب والسنّة ، أمّا من الكتاب فالآية المباركة ، وأمّا من السنّة فالحديث الذي ذكره الحمصي . . . وقد عرفت أنّ الرازي والنيسابوري لم يناقشا فيهما . ومن متقدمي الإماميّة القائلين بأفضليّة أمير المؤمنين على سائر الأنبياء هو : الشيخ المفيد ، المتوفى سنة 413 ، وله في ذلك رسالة ، استدلّ فيها بآية المباهلة ، واستهلّ كلامه بقوله : « فاستدلّ به من حكم لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بأنّه أفضل من سالف الأنبياء عليهم السلام وكافّة الناس سوى نبيّ الهدى محمّد عليه وآله السلام بأن قال . . . » وهو صريح في أنّ هذا قول المتقدّمين عليه [1] . فظهر سقوط جواب الرازي ومن تبعه . لكن أبا حيّان نسب إلى الرازي القول بفساد استدلال الحمصي من وجوه - ولعلّه نقل هذا من بعض مصنفات الرازي غير التفسير - فذكر ثلاثة وجوه :
[1] تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة . رسالة مطبوعة في المجلد السابع من موسوعة مصنفات الشيخ المفيد .