* وقال أبو حيّان ، بعد أن ذكر كلام الزمخشري في الآية المباركة : « ومن أغرب الاستدلال ما استدلّ به محمّد [1] بن عليّ الحمصي . . . » فذكر الاستدلال ، ثمّ قال : « وأجاب الرازي : بأنّ الإجماع منعقد على أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أفضل ممّن ليس بنبيّ ، وعليّ لم يكن نبيّاً ، فلزم القطع بأنّه مخصوص في حقّ جميع الأنبياء » . قال : « وقال الرازي : استدلال الحمصي فاسد من وجوه : منها قوله : ( إنّ الإنسان لا يدعو نفسه ) بل يجوز للإنسان أن يدعو نفسه ، تقول العرب : دعوت نفسي إلى كذا فلم تجبني . وهذا يسميّه أبو عليّ بالتجريد . ومنها قوله : ( وأجمعوا على أنّ الذي هو غيره هو عليّ ) ليس بصحيح ، بدليل الأقوال التي سيقت في المعنيّ بقوله : ( وأنفسنا ) . ومنها قوله : ( فيكون نفسه مثل نفسه ) ولا يلزم من المماثلة أن تكون في جميع الأشياء بل تكفي المماثلة في شيء ما ، هذا الذي عليه أهل اللغة ، لا الذي يقوله المتكلّمون من أنّ المماثلة تكون في جميع صفات النفس ، هذا اصطلاح منهم لا لغةً ، فعلى هذا تكفي المماثلة في صفة واحدة ، وهي كونه من بني هاشم ، والعرب تقول : هذا من أنفسنا ، أي : من قبيلتنا . وأمّا الحديث الذي استدلّ به فموضوع لا أصل له » [2] . أقول : ويبدو أنّ الرازي هنا وكذا النيسابوري أكثر إنصافاً للحقّ من أبي حيّان ;
[1] كذا ، والصحيح : محمود . [2] البحر المحيط 3 : 190 .