أحبّ الناس إلى رسول الله ، والأحبية تستلزم الأفضلية . وقد اعترف المحقّقون من أهل السُنّة بالدلالة هنا على الأحبيّة . قال البيضاوي : « أي يدع كلّ منّا ومنكم نفسه وأعزّة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة . . . » . فقال الشهاب الخفاجي في حاشيته : « ألصقهم بقلبه ، أي : أحبّهم وأقربهم إليه » . وقال : « قوله : وإنّما قدّمهم . . . ، يعني : أنّهم أعزّ من نفسه ، ولذا يجعلها فداءً لهم ، فلذا قدّم ذكرهم اهتماماً به . وأمّا فضل آل الله والرسول فالنهار لا يحتاج إلى دليل » [1] . وكذا قال الخطيب الشربيني [2] ، والشيخ سليمان الجمل [3] ، وغيرهما . وقال القاري : « فنزّله منزلة نفسه لما بينهما من القرابة والأخوّة » [4] . وثانياً : دلالة فعل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، إذ باهل خصومه بعلي وفاطمة وحسن وحسين فقط ، ولم يدع واحدةً من أزواجه ، ولا واحداً من بني هاشم ، ولا امرأةً من أقربائه . . . فضلا عن أصحابه وقومه . . . فإنّه يدلّ على عظمة الموقف ، وجلالة شأن هؤلاء عند الله دون غيرهم ، إذ لو كان لأحدهم في المسلمين مطلقاً نظير ، لم يكن لتخصيصهم بذلك وجه . وثالثاً : دلالة قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأهل البيت ، لما أخرجهم
[1] حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي 3 : 32 . [2] السراج المنير في تفسير القرآن 1 : 222 . [3] الجمل على الجلالين 1 : 282 . [4] مرقاة المفاتيح 5 : 589 .