تفعلوا ، واذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفاته ، فوالله إنّكم لتعلمون حقّ العلم إنّه لصادق ، وإنّما عهدكم بإخوانكم حديث قد مسخوا قردةً وخنازير . فعلموا أنّه قد نصح لهم فأمسكوا . قال : وكان للمنذر بن علقمة أخي أسقفهم أبي حارثة حظّ من العلم فيهم يعرفونه له ، وكان نازحاً عن نجران في وقت تنازعهم ، فقدم وقد اجتمع القوم على الرحلة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فشخص معهم ، ، فلمّا رأى المنذر انتشار أمر القوم يومئذ وتردّدهم في رأيهم ، أخذ بيد السيّد والعاقب على أصحابه ، فقال : أخلوني وهذين ، فاعتزل بهما ، ثمّ أقبل عليهما فقال : إنّ الرائد لا يكذب أهله ، وأنا لكما حدّ شفيق ، فإنّ نظرتما لأنفسكما نجيتما ، وإن تركتما ذلك هلكتما وأهلكتما . قالا : أنت الناصح حبيباً ، المأمون عيباً ، فهات . قال : أتعلمان أنّه ما باهل قوم نبيّاً قط إلاّ كان مهلكهم كلمح البصر ، وقد علمتما وكلّ ذي إرب من ورثة الكتب معكما أنّ محمّداً أبا القاسم هذا هو الرسول الذي بشّرت به الأنبياء عليهم السلام وأفصحت ببيعتهم وأهل بيته الأمناء . وأخرى أنذركما بها فلا تعشوا عنها ! قالا : وما هي يا أبا المثنّى ؟ قال : انظرا إلى النجم قد استطلع إلى الأرض ، وإلى خشوع الشجر وتساقط الطير بإزائكما لوجوههما ، قد نشرت على الأرض أجنحتها ، وفات ما في حواصلها ، وما عليها لله عزّ وجلّ من تبعة ، ليس ذلك إلاّ ما قد أظلّ من العذاب . وانظرا إلى اقشعرار الجبال ، وإلى الدخان المنتشر وقزع السحاب !