والعاقب ذلك خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبد المنعم وسارة ومريم ، وخرج معهما نصارى نجران ، وركب فرسان بني الحرث بن الكعب في أحسن هيئة ، وأقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم وألويتهم وأحسن شارتهم وهيئتهم ، لينظروا ما يكون من الأمر ، ولبث رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجرته حتّى متع النهار . ثمّ خرج آخذاً بيد عليّ والحسن والحسين أمامه وفاطمة عليها السلام من خلفهم ، فأقبلبهم حتّى أتى الشجرتين ، فوقف من بينهما من تحت الكساء على مثل الهيئة التي خرج بها من حجرته ، فأرسل إليهما يدعوهما إلى ما دعاه إليه من المباهلة . فأقبلا إليه فقالا : بمن تباهلنا يا أبا القاسم ؟ قال : بخير أهل الأرض وأكرمهم على الله عزّ وجلّ ، وأشار لهما إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم . قالا : فما نراك جئت لمباهلتنا بالكبر ولا من الكثر ولا أهل الشارة ممّن نرى آمن بك واتّبعك ! وما نرى ها هنا معك إلاّ هذا الشابّ والمرأة والصبّيين ! أفبهؤلاء تباهلنا ؟ ! قال صلّى الله عليه وآله : نعم ، أو لم أخبركم بذلك آنفاً ، نعم بهؤلاء أمرت والذي بعثني بالحقّ أن أباهلكم . فاصفارت حينئذ ألوانهما وحوكرا ، وعادا إلى أصحابهما وموقفهما ، فلما رأى أصحابهما ما بهما وما دخلهما ، قالوا : ما خطبكما ؟ ! فتماسكا وقالا : ما كان ثمة من خطب فنخبركم . وأقبل عليهم شابّ كان من خيارهم قد أوتي فيهم علماً ، فقال ويحكم ! لا