بما تعرّفوا هناك في بني قيلة وتبيّنوا به ؟ ! قالوا : قدم علينا أحمد يثرب وبيارنا ثماد ، ومياهنا ملحة ، وكنّا من قبله لا نستطيب ولا نستعذب ، فبصق في بعضها ومجّ في بعض ، فعادت عذاباً محلوليّة ، وجاش منها ما كان ماؤها ثماداً فحار بحراً . قالوا : وتفل محمّد في عيون رجال ذوي رمد ، وعلى كلوم رجال ذوي جراح ، فبرئت لوقته عيونهم فما اشتكوها واندملت جراحاتهم فما ألموها ، في كثير ممّا أدّوا ونبّؤوا عن محمّد صلّى الله عليه وآله من دلالة وآية . وأرادوا صاحبهم مسيلمة على بعض ذلك ، فأنعم لهم كارهاً ، وأقبل بهم إلى بعض بيارهم فمجّ فيها وكانت الركى مع ذوذبة فحارت ملحاً لا يستطاع شرابه ، وبصق في بئر كان ماؤها وشلاً فعادت فلم تبض بقطرة من ماء ، وتفل في عين رجل كان بها رمد فعميت ، وعلى جراح - أو قالوا جراح آخر - فاكتسى جلده برصاً - . فقالوا لمسيلمة فيما ابصروا في ذلك منه ، واستبرؤوه . فقال : ويحكم بئس الأمّة أنتم لنبيّكم والعشيرة لابن عمّكم أن كنتم تحيفتموني يا هؤلاء من قبل أن يوحى إليّ في شيء ممّا سألتم ، والآن فقد أذن لي في أجسادكم وأشعاركم دون بياركم ومياهكم ، هذا لمن كان منكم بي مؤمناً ، وأمّا من كان مرتاباً فإنّه لا يزيده تفلتي عليه إلاّ بلاءً ، فمن شاء الآن منكم فليأت لأتفل في عينه وعلى جلده . قالوا : ما فينا - وأبيك - أحد يشاء ذلك ، إنّا نخاف أن يشمت بك أهل يثرب ; وأضربوا عنه حميّة لنسبه فيهم وتذممّاً لمكانه منهم . فضحك السيّد والعاقب حتّى فحصا الأرض بأرجلهما ، وقالا : ما النور