إسرائيل كاذب ، فالصادق منبعث منهما برحمة وملحمة ، يكون له الملك والسلطان ما دامت الدنيا ، وأمّا الكاذب فله نبزٌ يذكر به المسيح الدجّال يملك فواقاً ثمّ يقتله الله بيدي إذا رجع بي . قال حارثة : وأحذركم يا قوم أن يكون من قبلكم من اليهود أسوة لكم ، إنهم أنذروا بمسيحين ، مسيح رحمة وهدى ، ومسيح ضلالة ، وجعل لهم على كلّ واحد منهما آية وأمارةً ، فجحدوا مسيح الهدى وكذّبوا به ، وآمنوا بمسيح الضلالة الدجّال ، وأقبلوا على انتظاره وأضربوا في الفتنة وركبوا نضحها ، ومن قبل ما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وقتلوا أنبياءه والقوّامين بالقسط من عباده ، فحجب الله عزّ وجلّ عنهم البصيرة بعد التبصرة بما كسبت أيديهم ، ونزع ملكتهم منهم ببغيهم وألزمهم الذلة والصغار ، وجعل منقلبهم إلى النار . قال العاقب : فما أشعرك - يا حار - أن يكون هذا النبيّ المذكور في الكتب هو قاطن يثرب ، ولعلّه ابن عمّك صاحب اليمامة ، فإنّه يذكر من النبوّة ما يذكر منها أخو قريش ، وكلاهما من ذرّيّة إسماعيل ، ولجميعهما أتباع وأصحاب يشهدون بنبوّته ، ويقرون له برسالته ، فهل تجد بينهما في ذلك من فاصلة فتذكرها ؟ قال حارثة : أجل والله أجدها والله أكبر ، وأبعد ممّا بين السحاب والتراب ، وهي الأسباب التي بها وبمثلها تثبت حجّة الله في قلوب المعتبرين من عباده لرسله وأنبيائه . وأمّا صاحب اليمامة فيكفيك فيه ما أخبركم به سفهاؤكم وغيركم ، والمنتجعة منكم أرضه ، ومن قدم من أهل اليمامة عليكم ، ألم يخبركم جميعاً عن روّاد مسيلمة وسماعيه ، ومن أوفده صاحبهم إلى أحمد بيثرب فعادوا إليه جميعاً