الحبشة ، وملك علوه ، وملك الرعا ، وملك الراحات ، ومريس ، والقبط ، وكلّ هؤلاء كانوا نصارى - . قال : وكذلك من ضوى إلى الشام وحلّ بها من ملوك غسّان ، ولخم ، وجذام ، وقضاعة ، وغيرهم من ذوي يمنكم ، فهم لكم عشيرة وموالي ومآل ، وفي الدين إخوان - يعني أنّهم نصارى - وكذلك نصارى الحيرة من العبّاد وغيرهم ، فقد صبت إلى دينهم قبائل تغلب بنت وائل وغيرهم من ربيعة بن نزار . لتسير وفودكم ، ثمّ لتخرق إليهم البلاد آغذاذاً فيستصرخونهم لدينكم ، فيستنجدكم الروم ، وتسير إليكم الاساودة مسير أصحاب الفيل ، وتقبل إليكم نصارى العرب من ربيعة اليمن . فإذا وصلت الأمداد واردةً سرتم أنتم في قبائلكم وسائر من ظافركم وبذل نصره ومؤازرته لكم ، حتّى تضاهئون من أنجدكم وأصرحكم من الأجناس والقبائل الواردة عليكم ، فأمّوا محمّداً حتّى سنحوا به جميعاً ، فسيعتق إليكم وافداً لكم من صبا إليه مغلوباً مقهوراً ، وينعتق به من كان منهم في مدرته مكثوراً ، فيوشك أن تصطلموا حوزته ، وتطفئوا جمرته ، ويكون لكم بذلك الوجه والمكان في الناس ، فلا تتمالك العرب حينئذ حتّى تتهافت دخولاً في دينكم ، ثمّ لتعظمنّ بيعتكم هذه ، ولتشرفنّ حتّى تصير كالكعبة المحجوجة بتهامة . هذا الرأي فانتهزوه ، فلا رأي لكم بعده . فأعجب القوم كلام جهير بن سراقة ، ووقع منهم كلّ موقع ، فكاد أن يتفرّقوا على العمل به ، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بني قيس بن ثعلبة ، يدعى حارثة بن أثاك ، على دين المسيح عليه السلام ، فقام حارثة على قدميه وأقبل على جهير ، وقال متمثّلاً :