وذكر الحافظ محبّ الدين الطبري بعض هذه الأحاديث تحت عنوان « ذكر اصطفائهم » و « ذكر أنّهم خير الخلق » [1] . وقال القاضي عياض : « الباب الثاني في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقاً وخلقاً ، وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقاً » فذكر فيه فوائد جمّة في كلام طويل [2] . إذن ، هناك ارتباط بين « آية المودّة » و « آية التطهير » وأحاديث « الاصطفاء » و « أنّهم خير خلق الله » . ثمّ إنّ في أخبار السقيفة والاحتجاجات التي دارت هناك بين من حضرها من المهاجرين والأنصار ما يدلّ على ذلك دلالة واضحة ، فقد أخرج البخاري أنّ أبا بكر خاطب القوم بقوله : « لن تعرف العرب هذا الأمر إلاّ لهذا الحيّ من قريش ، هم أوسط العرب نسباً وداراً » [3] ولا يستريب عاقل في أنّ عليّاً عليه السلام هو الأشرف - من المهاجرين والأنصار كلّهم - نسباً وداراً ، فيجب أن يكون هو الإمام . بل روى الطبري وغيره أنّه قال كلمة أصرح وأقرب في الدلالة ، فقال الطبري إنّه قال في خطبته : « فخصّ الله المهاجرين الأوّلين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدّة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياهم ، وكلّ الناس لهم مخالف زار عليهم ، فلم يستوحشوا لقلّة عددهم وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم .
[1] ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : 35 - 36 . [2] الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 : 137 . [3] صحيح البخاري 4 : 346 / 6830 ، وآنظر : الطبري 3 : 205 ، سيرة ابن هشام 4 : 310 ، وغيرهما .