أقول : لا ريب في أنّ للنسب والقرب النسبي تأثيراً ، وأنّ للعناية الإلهيّة ب - « القربى » - أي : بعليّ والزهراء بضعة النبيّ وولديهما - حكمة ، وفي السنّة النبويّة على ذلك شواهد وأدلّة نشير إلى بعضها بإيجاز : أخرج مسلم والترمذي وابن سعد وغيرهم عن واثلة ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول : « إن الله عزّ وجلّ اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم » [1] . قال النووي بشرحه : « استدلّ به أصحابنا على أنّ غير قريش من العرب ليس بكفء لهم ، ولا غير بني هاشم كف لهم إلاّ بني المطّلب ، فإنّهم هم وبنو هاشم شيء واحد ، كما صرّح به في الحديث الصحيح » [2] . وعقد الحافظ أبو نعيم : « الفصل الثاني : في ذكر فضيلته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بطيب مولده وحسبه ونسبه وغير ذلك » فذكر فيه أحاديث كثيرة بالأسانيد ، منها ما تقدّم ، ومنها الرواية التالية : « إنّ الله عزّ وجلّ حين خلق الخلق جعلني من خير خلقه ، ثم حين خلق القبائل جعلني من خير قبيلتهم ، وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم ، ثمّ حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم أباً وخيرهم نفساً » [3] .
[1] جامع الأُصول 8 : 535 / 6337 عن مسلم ( 4 : 106 / 2276 ) والترمذي ( 6 : 5 / 3606 ) ، الطبقات الكبرى 1 : 20 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 : 181 . [2] المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج 15 : 36 . [3] دلائل النبوّة 1 : 66 / 16 .