إفعل أنت . ولو كانت الصلاة الدعاء ، لكان قولنا : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، بمعنى : اللّهمّ ادع له ، وهذا لا يجوز . وقد كان الصحابة عند ذكره يصلّون عليه وعلى آله ، فلمّا تغلّب بنو أميّة قطعوا الصلاة عن آله في كتبهم وأقوالهم ، وعاقبوا الناس عليها بغضاً لآله الواجبة مودّتهم ، مع روايتهم أنّ النبيّ سمع رجلا يصلّي عليه ولا يصلّي على آله فقال : لا تصلّوا علىّ الصلاة البترة ، ثمّ علّمه ما ذكرناه أوّلا . فلمّا تغلّب بنو العبّاس أعادوها وأمروا الناس بها ، وبقي منهم بقيّة إلى اليوم لا يصلّون على آله عند ذكره . هذا فعلهم ، ولم يدركوا أنّ معنى الصلاة عليهم سوى الدعاء لهم - وفيه شمّة لهضمة منزلتهم حيث إنّ فيه حاجةً ما إلى دعاء رعيّتهم - فكيف لو فهموا أنّ معنى الصلاة هنا المتابعة ؟ ! ومنه المصلّي من الخيل ، فأوّل من صلّى النبيّ - أي تبع - جبريل ، حين علّمه الصلاة ، ثمّ صلّى علىّ النبيّ ، إذ هو أوّل ذكر صلّى بصلاته ، فبشّر الله النبيّ أنّه يصلّي عليه بإقامة من ينصبه مصلّياً له في أمّته ، وذلك لمّا سأل النبيّ بقوله : ( واجعل لي وزيراً من أهلي ) عليّاً ( اشدد به أزري ) ثمّ قال تعالى : ( صلّوا عليه ) أي : اعتقدوا ولاية علىّ وسلّموا لأمره . وقول النبيّ : قولوا : اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد . أي : اسألوا الله أي يقيم له ولاية ولاة يتبع بعضهم بعضاً كما كان في آل إبراهيم ، وقوله : وبارك عليهم ، أي : أوقع النموّ فيهم ، فلا تقطع الإمامة عنهم . ولفظ الآل وإن عمّ غيرهم إلاّ أنّ المقصود هم ، لأنّ في الأتباع والأهل والأولاد فاجر وكافر لا تصلح الصلاة عليه . فظهر أنّ الصلاة عليه هي اعتقاد وصيّته والأئمّة من ذرّيّته ، إذ بهم كمال دينهم وتمام النعمة عليهم ، وهم الصلاة التي قال الله إنّها تنهى عن الفحشاء