إلا أن قول المانع : إن الرجل ليهجر ، أو ما هو بمعناه من غلبة الوجع ، قد سد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم طريق إتمام ذلك الواجب ، وصده عن كتابة الكتاب ، وحال بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين كتابه . فلو كان ينفذ طلبه ويكتب الكتاب ، لم يكن لعمله بعد تلك المزعومة أثر يذكر ، لأن ما ينجزه المريض المتهم - ! - لا وقع له عند الناس ، فلزمه صلى الله عليه وآله وسلم التراجع عن الكتابة ، وعن أداء ذلك الواجب ، حفاظا على واجب أهم ، وهو اتهام نبي الإسلام بالهجر ، فيصاب بشئ على أيدي المخالفين لهذا الكتاب . وقال بعضهم : إن طلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا واضح في أنه أراد أن يكتب شيئا غير القرآن ، وما كان سيكتبه هو من السنة ، وإن عدم كتابته ، لمرضه [2] لا ينسخ أنه قد هم بها ، وكان في آخر أيام حياته عليه الصلاة والسلام ، فيفهم من هذا إباحته عليه الصلاة والسلام الكتابة في أوقات مختلفة ، ولمواضع كثيرة ، في مناسبات عدة ، خاصة وعامة ( 2 ) . وبالرغم من استدلال البخاري بهذا الحديث على جواز كتابة العلم ، وإيراده له في خمسة مواضع من كتابه الصحيح الجامع ، بما لا يبقى شك لدى محدثي العامة في صحته ، نرى أن : أكثر المؤلفين - حول
( 1 ) كلا ، بل عدم الكتابة كان لقولهم ذلك الكلام الفظيع : إن الرجل ليهجر ! ! ! [2] السنة قبل التدوين ( ص 306 ) .