تزعم عملية المنع للحديث بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وهذا أمر عجيب ، وهو الذي أوجب فزع ابن عباس ، فكان يئن منه ، وينعاه بقوله : إن الرزيئة ، كل الرزيئة ، ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبين كتابه ؟ ! لا يقال : إن إقدام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا لم يكن إلا لأمر ضروري ولازم ، بل كان واجبا عليه ، كما تقدم بيانه ، لأنه كان بصدد هداية الأمة ومنعها من الضلالة ، ولا يعقل أن يكون أمر كهذا إلا واجبا . فلو تم ذلك ، لم يكن له صلى الله عليه وآله وسلم أن يعرض عن أدائه لمجرد قول عمر ، وغير عمر ، بل كان يؤديه مهما كلف الثمن . فإعراضه عن كتابة ما أراد يدل على عدم ضرورته ، فلا يتم ما نحن بصدده [1] . لأنا نقول : أولا : إن الاستدلال بالحديث على جواز تدوين الحديث ، غير مبتن على ما ذكر ، لما عرفت من أن مجرد همه للكتابة هو كاف للدلالة على ذلك ، لأن همه من السنة . وثانيا : إن أمر ذلك الكتاب ، كان على ما ذكر من الوجوب واللزوم ، كما دل عليه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إئتوني ، الظاهر في الوجوب ، وكما بينا من أنه كان مرتبطا بأمر هداية الأمة ، وهو لا يكون إلا واجبا ، لأنه من أهم أهداف رسالته صلى الله عليه وآله وسلم .