على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قبل أن تجيزوه علي ، لأنفذتها [1] ؟ ! وبهذه الصراحة والصلابة والجرأة ، يقف أبو ذر من إجراء المنع ، ويعلن عن رفضه لذلك . فإذا لاحظنا زمانه ومكانه ، نجد أنه كان في الموسم - لأن الجمرة لا يجتمع عندها الناس في غير الموسم عادة - وعند الجمرة الوسطى ، حيث مجمع الحاج الصاعد منهم إلى العقبة ، والهابط إلى الصغرى . وفي قول الرقيب لأبي ذر : ألم تنه ، دلالة واضحة على كون أبي ذر ممنوعا عن التحديث . مع أن وجود الرقيب والرقابة ، وكلام أبي ذر ، كل ذلك يدل على وجود معارضة قوية لإجراءات الحكومة المانعة عن الحديث . 3 - وابن عباس يخالف المنع : وقف ابن عباس من منع الحديث موقفا صلبا ، بعد أن عارض منع التدوين فقد أثر عنه قوله : تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم ، فإنه ليس مثل هذا القرآن مجموع محفوظ ، وإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم ، ولا يقولن أحدكم : حدثت أمس فلا أحدث اليوم ، بل ، حدثت أمس ، ولتحدث اليوم ، ولتتحدث غدا [2] .
[1] سنن الدارمي ( 1 / 112 ) ورواه البخاري من قوله : لو وضعتم . . إلى آخره ، في صحيحه ( 1 / 27 ) وفتح الباري ( 18 / 170 ) وحجية السنة ( ص 3 - 464 ) . [2] سنن الدارمي ( 1 / 119 رقم 606 ) وشرف أصحاب الحديث ( ص 95 رقم 205 ) والجامع لأخلاق الراوي .