لا ينكر وقوعه : فليس كما يظنه بعض المعاصرين ناشئا من تأخر التدوين ، إذ التدوين - عندنا - لم يتوقف لحظة ، منذ فجر الرسالة ، وحتى آخر زمن صدور النصوص ، بل على العكس فإنه كان قائما على قدم وساق ، بإرشاد الأئمة الأطهار عليهم السلام ، وحثهم قولا وعملا على التدوين والكتابة . وإنما السبب عندنا في اختلاف الحديث علل الحديث الواردة في سنده أو متنه ، كتخليط الرواة ، أو صدور الأخبار تقية ، أو كون الاختلاف صوريا يزول بعد التأمل في الجمع بين الأحاديث المختلفة ظاهرا . وقد خصص الشيخ الطوسي كتاب ( الإستبصار لما اختلف من الأخبار ) لذكر الأخبار المختلفة ، ووجوه الجمع بينها . ومن غريب ما وقفت عليه : ما رواه ابن بشكوال عن الشيخ أبي بكر بن عقال الصقلي ، أنه قال في ( فوائده ) : إنما لم يجمع الصحابة سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مصحف ، كما جمعوا القرآن ، لأن السنن انتشرت ، وخفي محفوظها من مدخولها ، فوكل أهلها في نقلها إلى ضبطهم ، ولم يوكلوا من القرآن إلى مثل ذلك . وألفاظ السنن غير محروسة من الزيادة والنقصان ، كما حرس الله كتابه ببديع النظم الذي أعجز الخلق عن الإتيان بمثله .