وبعبارة أخرى : ما دمتم منصاعين لأوامر المنع السلطوي ، وتسيرون في ركب المانعين ، وتبررون أعمالهم بالتشديد في منع الحديث رواية وتدوينا طوال القرن الأول ، فإن الحديث الشريف لا يزال مهددا بمثل تلك الدعاوى الفارغة ، ومعرضا للتشكيك فيه ! وكما تجرأ صاحب المنار أن ينشر مقال ( الإسلام هو القرآن وحده ) ويستند إلى ذلك المنع ، ويقول : لو كانت السنة حجة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتابتها ، ولعلم الصحابة والتابعون من بعد على جمعها وتدوينها ، لما في ذلك من صيانتها من العبث والتبديل والخطأ والنسيان ، ولا يحصل القطع إلا بكتابتها [1] . فالحل الصحيح - إذا أردنا أن ننزه الحديث ونصوصه الناصعة من كل تشكيك أو زعزعة أو تحريف - أن نلتزم بما دلت عليه الأدلة الأربعة التي أقمناها في القسم الأول - من العرف الممضى شرعا ، والسنة النبوية بأقسامها ، وإجماع أهل البيت عليهم السلام ، وسيرة المسلمين صحابة وأتباعا ومن بعدهم من المتأخرين - على جواز التدوين وضرورته ، منذ فجر الرسالة الأبلج إلى جانب إباحة روايته ونقله ، بل وجوب ذلك أيضا . وهذا ما نلتزم به - نحن الشيعة الإمامية - في ظل الأدلة القوية . وأما اختلاف الحديث عندنا - نحن الشيعة الإمامية - وهو أمر
[1] مجلة ( المنار ) لرشيد رضا ، بواسطة : دراسات حول القرآن والسنة للدكتور شعبان ( ص 171 - 172 ) .