نقل الحديث بالمعنى ليس مضرا : ولكن المغرضين ، الذين يريدون أن يطعنوا الحديث من هذه الناحية ، يهولون الأمر ، وكأنه يجوز لكل أحد أن ينقل الحديث بالمعنى ، وعند ذلك لا تبقى لألفاظ الحديث أية قدسية . كيف ؟ وهذا مخالف - لسيرة المسلمين - أجمعين - من تقديسهم ما ورد في نصوص الأحاديث من ألفاظ ، وبذلهم جهودا جبارة في ضبطها ، وسنهم قواعد متينة محكمة لتسجيلها ، وتحقيقها ، وتثبيتها في الكتب ، باختلافاتها . وقد سبق المسلمون كل الأمم في وضع قواعد لتحقيق النصوص ، وضبط الكتب من بركة الحديث الشريف ، وقواعده المتينة الموثوقة . ومن المدهش أن نجد في المهتمين باللغة العربية في عصرنا من يعترف بأن منع التدوين كانت له آثار مشينة على اللغة : فيقول مصطفى صادق الرافعي : لو كان التدوين شائعا في الصدر الأول ، وتيسر لهم أن يدونوا كل ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وألفاظه ، وصوغه ، وبيانه ، لكان لهذه اللغة شأن غير شأنها [1] . لكنه يتجاهل في حديثه أن المانعين من التدوين تقع على عواتقهم تلك الآثار ، ويحاول أن يضع اللائمة على الذين نقلوا الحديث بالمعنى . فنقول : إن نقل الحديث بالمعنى لم يكن ذا أثر سئ ، ولا أدري ،