قال الدكتور محمد سلام مدكور ، وهو يتحدث عن أسباب اختلاف الأحكام : إن السنة لم تكون مدونة ، ولم تجتمع الكلمة على مجموعة منها ، بل كانت تتناقل بالرواية والحفظ ، وربما علم منها المفتي في مصر ما لم يعلمه المفتي في بلد آخر ، وكثيرا ما كان يرجع المفتي عن فتواه إذا علم فيها سنة [1] . الاختلاف لا يسقط الحديث عن الحجية : لكن بعض المتأخرين ، جعل من ذلك نقطة ضعف في الحديث نفسه ، وبدأ من خلال ذلك بالتهجم على متون الأحاديث ، والخدشة في اعتبارها . يقول الجزائري : في تتمة كلامه السابق : لأن لفظ السنة ليس متعبدا به بخلاف لفظ القرآن ، فإذا ضبط المعنى فلا يضر ما ليس بمقصود [2] . وهذا الكلام إن أريد به أن لفظ الحديث - وهو ذلك الذي نطق به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - ليس مقدسا مثل القرآن ، حتى يلزم الراوي به عينا ، فيكون تكراره واجبا ، بل إنما المراد به مدلوله ومعناه ومفاده ، فإذا ضبط المعنى فلا يضر فوات نفس الألفاظ والعبارات ، وتبديلها بعبارات أخرى تؤدي المعنى دقيقا
[1] مناهج الاجتهاد في الإسلام ، للدكتور محمد سلام مدكور ( ص 145 وانظر ص 148 ) ولاحظ : منهج النقد ( ص 460 - 462 ) . [2] توجيه النظر ( ص 298 ) .