الثانية منه هي : نقل الحديث على المعنى [1] . ومن الواضح أن نقل الحديث على المعنى ، إنما يكون إذا لم يكن اللفظ محفوظا ، كما إذا حدث الراوي من حفظه لا من كتابه ، ولم يحفظ اللفظ مضبوطا ، ولو كان الحديث مدونا مضبوطا ، لم يحتج إلى النقل بالمعنى ، حتى يؤدي إلى ذلك الاختلاف . 3 - وقال الجزائري - في الاحتجاج لجواز النقل بالمعنى - : إن الصحابة كانوا يسمعون الأحاديث ، ولا يكتبونها ، ولا يكررون عليها ، ثم يروونها بعد السنين الكثيرة ، ومثل هذا يجزم الإنسان فيه بأن نفس العبارة لا تنضبط ، بل المعنى فقط [2] . وحاصله : أن تأخر تدوين الحديث أدى إلى اختلاف الأحاديث ، وكلف ذلك جهودا جبارة من العلماء للجمع بينها ، والتوفيق بين الألفاظ المختلفة الدلالة على معانيها التي قد يعرضها تفاوت على مرور الأزمان ، وخاصة عند اختلاف الاصطلاحات ، أو على أثر ضعف القدرة اللغوية في الأجيال المتعاقبة بتجدد أوضاع جديدة ، وغير ذلك ، وكل تلك المسؤولية تقع على عاتق المانعين لتدوين الحديث . فلو كان الحديث مدونا من البداية ، بلفظ واحد ، كانت النصوص متحدة ، لا يعرضها مثل ذلك . بل قد أثر ذلك في اختلاف الأحكام الفقهية بين الصحابة .
[1] الإنصاف ( ص 100 ) وانظر أضواء على السنة لأبي رية ( ص 97 و 99 ) . [2] توجيه النظر ( ص 298 ) .