وأنا معهم ، وأنا أصغر القوم - فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار . فلما خرج القوم ، قلت لهم : كيف تحدثون عن رسول الله ، وقد سمعتم ما قال ، وأنتم تنهمكون في الحديث عن رسول الله ؟ قال : فضحكوا ، فقالوا : يا ابننا ، إن كل ما سمعنا منه فهو عندنا في كتاب [1] . فكانوا يكتبون الحديث من دون تحرج ، ولولا معرفتهم إباحته لم يكونوا يفعلون ذلك ، مع أن مما لا ريب فيه أن جميع تلك المحاولات ، كانت بمرأى من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومسمع ، بل كان بعضها بأمر مباشر منه وتوجيه ، فسكوته عليها ، وعدم منعه عنها ، يدل على رضاه بعملهم . وهذا ما يسميه علماء الأصول السنة التقريرية . 2 - السنة الفعلية : لقد واجه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم موضوع الكتابة ، بشكل إيجابي منذ بداية الإسلام ، فقام بأعمال تدل بوضوح على رغبته الأكيدة في تعميمها ، وقد تناقل أهل العلم موقف عديدة له نذكر منها : 1 - أنه صلى الله عليه وآله وسلم أدخل الكتابة في قضية سياسية عسكرية ، حيث جعل فداء الأسرى من المشركين ، من كان يعرف منهم الكتابة والقراءة ، أن يعلم كل منهم عشرة من أولاد المسلمين ، فيكون
[1] الكامل لابن عدي ( 1 / 36 ) ورواه في تقييد العلم ( ص 98 ) عن ( عبد الله بن عمرو ) .