وفيها الكثير مما يدل على وجوب طاعتهم ، وحرمة التقدم عليهم ، وحرمة إيذائهم وسبهم ، وقتلهم ! كل ذلك مما يمس - بوضوح - كيان الحكام ، ويزلزل الأريكة من تحتهم ، ويمنعهم من الاستيلاء على تلك المناصب المقدسة . كحديث الغدير ، الحي في الأذهان بمشاهده ، ومناظره ، حيث رفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا ، ونادى - في الجمع ، وفي حجة الوداع - : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله [1] . ذلك الكلام الذي يرن صداه في الأسماع والآذان . فهل يخفى تأثير ذلك على أبي بكر ، وعمر ؟ وخاصة إذا كان الناقلون له صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخاصته من الأجلاء ذوي الورع والفضل والتقى ، من أمثال أبي ذر الغفاري ، وأبي مسعود الأنصاري ممن لا يرتاب أحد في صدقهم ، ولا يتهمون في نقلهم ؟ ! إن الحكام كانوا يهابون - بلا ريب - مثل هذه الأحاديث ، فكان أسهل السبل وأفضل الوسائل للقضاء على آثارها هو منع روايتها
[1] حديث الغدير من متواترات أحاديث الإسلام ، وقد اتفقت على نقله كافة الفرق الإسلامية ، جمعنا جملة من مصادرها في تخريجاتنا لتفسير الحبري ( ص 448 - 450 ) وانظر عنها كتاب ( الغدير ) للأميني ، المجلد الأول ، وعبقات الأنوار للسيد حامد حسين الهندي . واعترف بتواتره العامة ، فراجع : نظم المتناثر ، للكتاني ( ص 194 ) رقم ( 232 ) .