وهذا النص مع أنه يدل على أن مطلق الحديث كان ممنوعا على الصحابة في عهد عمر ، حتى الحديث الواحد ! ! فهو يدل - كذلك - على أن أبا هريرة كان ممن خضع للأوامر والتهديدات العمرية ، فلم يحتج إلى أن يحبس . ولسنا نحن بصدد البحث عن خصوص حبس عمر للصحابة ، إلا باعتباره واحدا من أساليبه لمنع الحديث . وأما الثالث : فكلمة الحبس يراد بها - لغة - السجن ، والمنع ، والظاهر أن الأصل في معنى الحبس هو ضد التخلية [1] وتخلية كل شئ بحسبه . فلو منع عمر صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الخروج من المدينة إلى الآفاق ، فقد حبسهم في المدينة ، كما جاء في بعض النصوص نفس هذا التعبير [2] . ويدل عليه قول عمر في بعض الروايات : أقيموا عندي لا تفارقوني . . . فما فارقوه حتى مات [3] . ومن المعلوم أن منعهم من الخروج عن المدينة ، إنما كان لأجل أن لا يحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ذلك الحديث الذي أثار عمر ، وألجأه إلى حبسهم . وأما تفسير الحبس بالمنع من الحديث ، فهو صحيح لغة ،
[1] أنظر صحاح اللغة للجوهري ( مادة : حبس ) . [2] أنظر ( ص 432 رقم ( 2 ) . [3] أنظر ( ص 437 ) رقم ( 4 ) .