هل يعقل من مثل عمر بن الخطاب أن يحبسهم ؟ وهل يكفي لحبسهم أنهم أكثروا من الرواية ؟ وأضاف : إن المرء ليقف متسائلا أمام هذا الخبر ، ويعتريه الشك فيه ، ويتبادر إلى نفسه أن يتساءل عن الحد الذي يمكن أن يعرف به الإقلال والإكثار ؟ [1] . أقول : أما السؤال الأخير فلا بد أن يسأل عنه عمر نفسه ، الذي أمر وفده إلى الكوفة بالإقلال ؟ فقال : أقلوا الحديث . . . وكذلك يسأل ابن قتيبة الذي أخبر بأن فلانا وفلانا كانوا يقلون الرواية ؟ وكذلك يسأل الدكتور عتر الذي جعل الإقلال في الرواية من قوانينها ؟ فأي قانون هو هذا المجهول الهوية ، والكم ، والكيف ؟ وأما الشك في هذا الخبر ، والقدح في صحته ، فليس من شأن العلماء ، بعد ثبوته في الكتب والمؤلفات المعتبرة وبأسانيد عديدة فيها الصحاح بحكم صيارفة الفن مثل الحاكم والذهبي ، واشتهار أمر ذلك بحيث تصدى كبار حملة الحديث وحماته لتوجيهه ، وليس لشخص مثل العجاج أن يشكك في ذلك . وإذا لم يتمكن من الاقتناع بهذا التوجيه فليس معناه جواز رد الخبر ، بل التحقيق يفرض على العالم أن يبحث ليجد الحل المناسب .