ولا يمنعه رد غيره فضلا عن خشية رده ! والتبليغ يتم بأداء لفظه وكتابة نصه . وإذا كانت هذه الخشية مانعة عن تبليغها بالكتابة ، فلماذا لم تكن مانعة عن تبليغ السنة بالنقل الشفوي والرواية ! السادس : قوله : وخشوا - أيضا - . . . أن يقبل الناس على تلك الكتب ويدعوا القرآن . وهذه الدعوى هي التي تعرضنا لردها بتفصيل في الفصل الثالث من هذا القسم ، فراجع . ثم إن هذا الكلام إنما يتم لو كان القرآن مكتوبا متداولا بشكل مصاحف ، شائعا تلاوته منها ، بحيث يكون كتاب الحديث على تلك الدعوى مؤديا لأن يدع الناس القرآن ، ويشتغلوا بكتاب الحديث . لكن من يرى أن القرآن لم يجمع - وإن كان مكتوبا متفرقا - ولم يعتمد المسلمون في العهد الأول إلا على نصه المحفوظ في الصدور ، بوجوده اللفظي ، وأنه هكذا تواتر ، لا بوجوده الكتبي [1] . إن هؤلاء ليس لهم أن يتمسكوا بهذه الدعوى لمنع كتابة الحديث ، حيث إن الحديث على فرض كتابته لا يمكن أن يزاحم القرآن المستقر في الصدور والقلوب ، وهو واضح . والكاتب - المعلمي - هو من هؤلاء ، حيث يقول في كتابه :
[1] لاحظ حجية السنة لعبد الغني عبد الخالق ( ص 407 - ) وفتح الباري لابن حجر ( 1 / 114 ) والنشر في القراءات للجزري ( 1 / 6 ) .